इह्या उलूम अल-दीन

Al-Ghazali d. 505 AH
65

इह्या उलूम अल-दीन

إحياء علوم الدين

प्रकाशक

دار المعرفة

प्रकाशक स्थान

بيروت

وجدال منافق في القرآن (١) ومنها أن تكون عنايته بتحصيل العلم النافع في الآخرة المرغب في الطاعات مجتنبًا للعلوم التي يقل نفعها ويكثر فيها الجدال والقيل والقال فمثال من يعرض عن علم الأعمال ويشتغل بالجدال مثل رجل مريض به علل كثيرة وقد صادف طبيبًا حاذقًا في وقت ضيق يخشى فواته فاشتغل بالسؤال عن خاصية العقاقير والأدوية وغرائب الطب وترك مهمه الذي هو مؤاخذ به وذلك محض السفه وقد روي أن رجلًا جاء رسول الله ﷺ فقال علمني من غرائب العلم فقال له ما صنعت في رأس العلم فقال وما رأس العلم فقال ﷺ هل عرفت الرب تعالى قال نعم قال فما صنعت في حقه قال ما شاء الله فقال ﷺ هل عرفت الموت قال نعم قال فما أعددت له قال ما شاء الله قال ﷺ إذهب فأحكم ما هناك ثم تعال نعلمك من غرائب العلم (٢) بل ينبغي أن يكون المتعلم من جنس ما روي عن حاتم الأصم تلميذ شقيق البلخي ﵄ أنه قال له شقيق منذ كم صحبتني قال حاتم منذ ثلاث وثلاثين سنة قال فما تعلمت مني في هذه المدة قال ثماني مسائل قال شقيق له إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب عمري معك ولم تتعلم إلا ثماني مسائل قال يا أستاذ لم أتعلم غيرها وإني لا أحب أن أكذب فقال هات هذه الثماني مسائل حتى أسمعها قال حاتم نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبًا فهو مع محبوبه إلى القبر فإذا وصل إلى القبر فارقه فجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخل محبوبي معي فقال أحسنت يا حاتم فما الثانية فقال نظرت في قول الله ﷿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عن الهوى فإن الجنة هي المأوى فعلمت أن قوله ﷾ هو الحق فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى الثالثة أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل ممن معه شيء له قيمة ومقدار رفعه وحفظه ثم نظرت إلى قول الله ﷿ ما عندكم ينفذ وما عند الله باق فكلما وقع معي شيء له قيمة ومقدار وجهته إلى الله ليبقى عنده محفوظًا الرابعة أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى المال وإلى الحسب والشرف والنسب فنظرت فيها فإذا هي لا شيء ثم نظرت إلى قول الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريمًا الخامسة أني نظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض ويلعن بعضهم بعضًا وأصل هذا كله الحسد ثم نظرت إلى قول الله ﷿ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا فتركت الحسد واجتنبت الخلق وعلمت أن القسمة من عند الله ﷾ فتركت عداوة الخلق عني السادسة نظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض ويقاتل بعضهم بعضًا فرجعت إلى قول الله ﷿ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا فعاديته وحده واجتهدت في أخذ حذري منه لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدو لي فتركت عداوة الخلق غيره السابعة نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة فيذل فيها نفسه ويدخل فيما لا يحل له ثم نظرت إلى قوله تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها فعلمت أني واحد من هذه الدواب التي على الله رزقها فاشتغلت بما لله تعالى علي وتركت ما لي عنده الثامنة نظرت إلى هذا الخلق فرأيتهم كلهم متوكلين على مخلوق هذا على ضيعته وهذا على تجارته وهذا على صناعته وهذا على صحة بدنه وكل مخلوق متوكل على مخلوق مثله فرجعت إلى

(١) حديث إنما أخاف على أمتي زلة عالم الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي الدرداء ولابن حبان نحوه من حديث عمران بن حصين (٢) حديث أن رجلًا جاء إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال علمني من غرائب العلم الحديث رواه ابن السني وأبو نعيم في كتاب الرياضة لهما وابن عبد البر من حديث عبد الله بن المسور مرسلا وهو ضعيف جدا

1 / 65