وقال: أن ما أسنده الله إليهم وأخبر بأنه مما يتعلق به الرؤية مثلا، فإسناده حقيقة وهو من أعمالهم حقيقة وإلا لم يسنده إليهم في مثل {يعملون له ما يشاء...} الأية وقوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} على ذلك التقدير والتقرير فقد اعترف بمذهب خصمه من حيث لا يريده بل يريد إبطاله؛ لأن الخارج عن محل السكب وما هو متلق للروية ونحوها لا يكون عملا للعبد حقيقة إلا إذا كان مؤثرا [10]فيه إجماعا، وإن قال: بأن إسناده مجازي وأنه ليس من أعمال العباد حقيقة فأي فرج له في ذلك، وهكذا لو زعم أن الله تعالى خالق للفعل الموصوف عندهم بأنه كسب للعبد لا ما يفيد الترديد عليه والاستفسار.
فإن قال: بان هذا الفعل الموصوف بهذ المصوف فعل للعبد وعمل له حقيقة، فقد مر لما بطلانه أو لا فعل له حقيقه إلا مجرد الكسب لا التأثير عندهم سواء كان في محل القدرة أو خارجا عنه.
وإن قال: بأنه فعل وعمل له مجاز لا حقيقة فكذلك قد ذكرنا أنه لا فرج له منه أصلا.
وبهذا التحقيق وما قبله يظهر لك أن استدلالهم على أن الله تعالى خالق لأفعال العباد وأعمالهم بقوله تعالى حكاية عن نبيه عليه وعلى آله الصلاة والسلام: {والله خلقكم وما تعملون} واستدلالهم بالعمومات القرآنية والأحاديث النبوية على أن الله خالق لأعمال العباد كاستدلالهم بقوله تعالى: {فعال لما يريد} وأحاديث القدر والكتابة والعلم السابق إلى غير ذلك مما يتشبثون به تبعا لإخوانهم الخلص من الجبرية والجهمية حجة لهم منه ولا شبهة، بل هو منقلب حجة عليهم أو أنه لا حجة لهم فيه ولا شبهة، فقد عرفته آنفا.
पृष्ठ 27