البحث الأول
قال: حكاية عن الشيخ الميداني (¬1) : إن حقيقة الاشتقاق أن يكون بين اللفظين مناسبة في المعنى والتركيب، فيقضى بأن أحدهما مشتق من الآخر (¬2) .
ومراده بذلك أن قولنا: ضارب، وضرب، اشتركا في الحروف الأصلية، وهي الضاد والراء والباء، فهذه هي المناسبة في التركيب، واشتركا في أن كل واحد منهما يفهم من إمساس جسم لجسم بعنف، وهذا هو المناسبة في المعنى، فيقضى حينئذ بأن أحدهما مشتق من الآخر.
واعلم أن هذا الكلام لا يستقيم، لكثرة النقوض عليه.
بيان ذلك: أن القاعدة عند النحاة كافة فيما علمته أن الاشتقاق والعجمة لا يجتمعان، وأن الاشتقاق خاص بلسان العرب، وعلى ما قاله يكون اسم إدريس؛ مشتقا من الدرس ؛ لأنه درس بحقه باطل غيره، أو أنه نقل له عن ذلك، وإبليس من الإبلاس لانقطاع حجته؛ لأن الإبلاس هو انقطاع الحجة، وأنشد صاحب كتاب الزينة في اللغة (¬3) على ذلك:
पृष्ठ 14