احتجاج سلمان الفارسي رضياللهعنه (1) في خطبة خطبها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله على القوم لما تركوا أمير المؤمنين عليه السلام واختاروا غيره ونبذوا العهد المأخوذ عليهم (وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون)
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال خطب الناس سلمان الفارسي رحمة الله
كان من أوصياء عيسى عليه السلام ، وهذا هو السبب الذي جعل أمير المؤمنين عليه السلام يحضر عنده بالمدائن حين حضرته الوفاة ، ويتولى تغسيله بيده الشريفة ، إذ أن الوصي لا يغسله إلا وصي مثله.
هرب سلمان عليه السلام من فارس لأن أهلها كانوا يعبدون النار وصادف ذلك سفر قافلة إلى الشام فذهب معها ، ونزل بحمص وكان يجتمع بالقسس والرهبان ويجادلهم في الدين برهة من الزمن.
ثم صحب جماعة من التجار وسار معهم قاصدا مكة المكرمة ليحظى بالتشرف بحضرة النبي الأمي وصحبته ، وكان سلمان عليه السلام يعلم أنه سيبعث من هناك لأنه كما مر كان من أوصياء عيسى ( عليه السلام ).
واعتدى عليه هؤلاء الذين سار بصحبتهم وأساءوا الصحبة فانتبهوا ما كان عنده وأسروه ثم باعوه من يهودي في المدينة على أنه رق.
وبقي عند ذلك اليهودي إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة وكان سلمان ( عليه السلام ) كاتب ذلك اليهودي على أن يدفع له مبلغا من المال ليحرره من الرق ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وآله على ذلك فتحرر.
ولما زحف الجيش بقيادة أبي سفيان لقتل النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه وهدم المدينة على أهلها ، في غزوة الأحزاب أشار سلمان بحفر الخندق ، فقال أبو سفيان لما رآه هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.
وكان إذا قيل له ابن من أنت؟ يقول أنا سلمان بن الإسلام ، أنا من بني آدم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله من وجوه أنه قال : لو كان الدين في الثريا لناله سلمان ، وفي رواية اخرى لناله رجل من فارس
وروي عنه ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : « إن الله يحب من أصحابي أربعة فذكره منهم »
وقال ( صلى الله عليه وآله ): « ثلاثة تشتاق إليهم الحور العين : علي ، وسلمان ، وعمار ».
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « أنا سابق ولد آدم ، وسلمان سابق أهل فارس ».
وعنه أيضا ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : « إن الجنة تشتاق إلى أربعة : علي وسلمان ، وعمار ، والمقداد ».
ودخل ذات يوم مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله فوجد وجهاء قريش فتخطاهم وجلس في صدر المجلس ، فغلى الدم في عروقهم ، وقال له بعضهم : من أنت حتى تتخطانا؟ وقال له آخر : ما حسبك ونسبك؟!
قال سلمان : أنا ابن الإسلام ، كنت عبدا فأعتقني الله بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) ووضيعا فرفعني بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) وفقيرا فأغناني بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) فهذا حسبي ونسبي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : صدق سلمان ، صدق سلمان ، من أراد أن ينظر إلى رجل نور الله قلبه بالإيمان ، فلينظر إلى سلمان.
وتنافس المهاجرون والأنصار كل يقول : ( سلمان منا ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : « بل سلمان منا أهل البيت ».
وروي عن أبي الأسود الدؤلي قال كنا عند علي ذات يوم فقالوا : يا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حدثنا عن سلمان .
قال ( عليه السلام ): من لكم بمثل لقمان الحكيم ، ذلك امرؤ منا أهل البيت أدرك العلم الأول والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر ، بحر لا ينزف.
ولي المدائن في عهد عمر بن الخطاب ، وكان يسف الخوص وهو أمير عليها ويبيعه ويأكل منه ، ويقول : لا أحب أن آكل إلا من عمل يدي.
पृष्ठ 110