أن لا يختلط النور والظلمة لذهاب كل واحد منهما في غير جهة الآخر، فكيف وجدتم حدث هذا العالم من امتزاج ما هو محال أن يمتزج بل هما مدبران جميعا مخلوقان. فقالوا: سننظر في أمورنا.
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على مشركي العرب فقال: وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون الله؟ فقالوا: نتقرب بذلك إلى الله تعالى. فقال لهم: أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله؟ قالوا: لا. قال:
فأنتم الذين نحتموها بأيديكم؟ قالوا: نعم. قال: فلأن تعبدكم هي لو كان يجوز منها العبادة أحرى من أن تعبدوها، إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلفكم.
قال: فلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا القول اختلفوا فقال بعضهم: إن الله قد حل في هياكل رجال كانوا على هذه الصورة فصورنا هذه الصور نعظمها لتعظيمنا تلك الصور التي حل فيها ربنا، وقال آخرون منهم: إن هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين لله قبلنا فمثلنا صورهم وعبدناها تعظيما لله، وقال آخرون منهم:
إن الله لما خلق آدم وأمر الملائكة بالسجود له [فسجدوه تقربا بالله] كنا نحن أحق بالسجود لآدم [إلى الله] من الملائكة، ففاتنا ذلك فصورنا صورته فسجدنا لها تقربا إلى الله كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى، وكما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة ففعلتم ثم نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب (1) سجدتم إليها وقصدتم الكعبة لا محاريبكم وقصدتم بالكعبة إلى الله عز وجل لا إليها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخطأتم الطريق وضللتم، أما أنتم - وهو صلى الله عليه وآله
पृष्ठ 22