سيذكره في المطاعن ونحن أيضا نعمل في رد جوابه بمثله فانتظر قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثالث الأخبار بالغيب وقد حصل منه في عدة مواطن فمنها أنه قال في خطبة سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فتنة تضل بآية وتهتدي بآية إلا نبأتكم بناعقها وسايقها وقايدها إلى يوم القيامة فقام إليه رجل فقال أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر فقال علي (ع) والله لقد حدثني خليلي رسول الله (ص) بما سألت عنه وإن على كل طاقة من شعر رأسك ملكا يلعنك وإن على كل طاقة من شعر لحيتك شيطانا يستفزك وإن في بيتك لسخلا يقتل ابن رسول الله (ص) ولولا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرت به ولكن آية ذلك ما نبأت به عن لعنك وسخلك الملعون وكان ابنه في ذلك الوقت صغيرا وهو الذي تولى قتل الحسين (ع) وأخبر بقتل ذي الثدية من الخوارج وعدم عبور الخوارج النهر بعد أن قيل له قد عبروا وعن قتل نفسه وبقطع يدي جويرية ابن مسهل وصلبه فوقع في أيام معاوية وبصلب ميثم التمار وطعنه بحربة عاش عشرا وأراده النخلة التي يصلب عن جذعها ففعل به ذلك عبيد الله بن زياد وبقطع يدي رشيد الحجري ورجليه وصلبه ففعل ذلك به وقتل قنبر وقتله الحجاج وبأفعال الحجاج التي صدرت عنه وجار رجل إليه فقال إن خالد بن عرفطة قد مات فقال (ع) إنه لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن جمار فقام رجل من تحت المنبر فقال لأمير المؤمنين إني لك شيعة ومحب فقال من أنت قال أنا حبيب بن جمار قال أياك أن تحملها ولتحملنها وتدخل بها من هذا الباب وأومأ بيده إلى باب الفيل فلما كان زمان الحسين (ع) جعل ابن زياد خالد بن عرفطة على مقدمة عمر بن سعد وحبيب بن جمار صاحب رايته فسار بها حتى دخل من باب الفيل وقال للبراء بن غارب يقتل ابني الحسين (ع) وأنت حي لا تنصره فقتل الحسين (ع) وهو حي ولم ينصره ولما اجتاز بكربلا في وقعة صفين بكى وقال هذا والله مناخ ركابيهم وموضع قتلهم وأشار إلى ولده الحسين وأصحابه وأخبر بعمارة بغداد وملك بني العباس وأحوالهم وأخذ المغول الملك منهم وبواسطة هذا الخبر سلمت الحلة والكوفة والمشهدان من القتل في واقعة هلاكو لأنه لما ورد بغداد كاتبه والدي والسيد بن الطاووس والفقيه ابن أبي العز وسألوا الأمان قبل فتح بغداد فطلبهم فخافوا فمضى والدي (ره) إليه خاصة فقال كيف أقدمت على المكاتبة قبل الظفر فقال له والدي لأن أمير المؤمنين (ع) أخبر بك إليه وقال إنه يرد الترك على الأخير من بني العباس يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم جهوري الصوت لا يمر بمدينة إلا فتحها ولا ترفع له راية إلا نكسها الويل الويل لمن ناواه فلا يزال كذلك حتى يظفر والأخبار في ذلك كثيرة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول من ضروريات الدين إن علم الغيب مخصوص بالله تعالى والنصوص في ذلك كثيرة وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر الآية إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث الآية فلا يصح لغير الله تعالى أن يقال أنه يعلم الغيب ولهذا لما قيل عند رسول الله (ص) في الرجز وفينا نبي يعلم ما في الغد أنكر على قايله وقال دع هذا وقل غير هذا وبالجملة لا يجوز أن يقال لأحد فلان يعلم الغيب نعم الإخبار بالغيب بتعليم الله تعالى جايز وطريق هذا التعليم إما الوحي أو الالهام عند من يجعله طريقا إلى علم الغيب فإن صح أن أمير المؤمنين (ع) أخبر بالمغيبات فلا بد أن يقال أنه كان بتعليم من الله تعالى إما بالإلهام كما يكون للأولياء أو بالسماع من رسول الله (ص) وبعض الناس على أنه كان يعلم بالعلم الموسوم بالجفر الجامعة وهو أيضا من تعليم الله تعالى فكان ينبغي له أن يبين حقيقة هذا ولا يطلق القول بالإخبار بالغيب فإنه يوهم أن البشر يمكن له الإخبار بالغيب وأما ما ذكر من الأخبار بوقايع خروج الترك وخراب بغداد فقد جاء في بعض الأحاديث الإخبار عنه وهو بتعليم الله تعالى كما يقتضيه نصوص الكتاب وضرورة الدين انتهى وأقول ما ذكره الناصب يرجع إلى مناقشة لفظية ومع هذا لم يقل المصنف أن أمير المؤمنين (ع) يعلم الغيب حتى يكون منافيا لمدلول الآية بل قال أنه أخبر بالغيب ليشعر بالعدول عن ذلك إلى أن المراد الإعلام بذلك بتعليم الله تعالى وإلهامه وبالجملة أنا لم ندع أنه كان يعلم الغيب بل ندعي أنه كان لنفسه القدسية استعداد أن ينتقش بالأمور الغيبية عن إفاضة جود الله تعالى أو أن يطالع اللوح المحفوظ كما ذكره الشيخ ابن حجر العسقلاني في شرح صحيح البخاري في شأن ابنه الحسن في حالة الرضاع أو يخبر بالاستنباط بالجفر والجامعة الذي اختص به دون غيره وفرق بين علم الغيب الذي لا يعلم إلا الله تعالى وبين ما ادعيناه فإن المراد بعلم الغيب هو العلم الذي لا يكون مستفادا من سبب يفيده وذلك إنما يصدق على الله تعالى إذ كل ما علم من عداه تعالى فهو مستفاد من جوده إما بواسطة أو بغير واسطة فلا يكون علم غيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا لمن ارتضى من رسول الآية فلينظر الناصب الشقي أن صاحب هذا النفس هل كان علي (ع) أو من كان رأس ماله السؤال وأفحمه مخدرات الحجال قال المصنف رفع الله درجته المطلب الرابع في الشجاعة وقد أجمع كافة الناس على أن عليا ( ع) كان أشجع الناس وتعجبت الملائكة من حملاته وفضل النبي (ص) قتله لعمرو بن عبد ود على عبادة الثقلين وناداه جبرئيل لا سيف إلا ذو الفقار وروي الجمهور أن المشركون كانوا إذا أبصروا عليا (ع) في الحرب عهد بعضهم إلى بعض انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول شجاعة أمير المؤمنين (ع) أمر لا ينكره إلا من أنكر وجود الرمح السماك في السماء أو حصول درع السمك في الماء مقدام إذ الأبطال يحجم لبات إذ الملاحم يهجم وهذا مما يسلمه الجمهور وليس هذا محل النزاع حتى يقام عليه الدليل انتهى وأقول كلام المصنف كما صرح في اختصاص أمير المؤمنين (ع) بالأشجعية الموجبة لتفضيله على غيره دون أصل الشجاعة وقد أقام الدليل عليها فإن سلمه الجمهور كما قاله هذا الناصب فقد ثبت المدعى والحمد لله على الوفاق وإن لم يسلموا ذلك وعاندوا فضحوا أنفسهم به بالمكابرة على الضروريات والمتواترات والاجماعيات وسيجئ في كلام المصنف من تفاصيل مجاهداته في غزوات النبي (ص) مما ينسد به باب المكابرة وطريق المنازعة والمشاجرة قال المصنف رفع الله درجته المطلب الخامس في الزهد لا خلاف في أنه كان أزهد أهل زمانه طلق الدنيا ثلاثا قال قبيصة بن جابر ما رأيت في الدنيا أزهد من علي بن أبي طالب (ع) كان قوته الشعير غير المأدوم لم يشبع من البر ثلاثة أيام قال عمر بن عبد العزيز
पृष्ठ 204