63

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

प्रकाशक

مطبعة السنة المحمدية

٢٦ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ ﷺ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ» . ــ [إحكام الأحكام] أَحَدُهُمَا: قَوْلُهَا " وَلَمْ يَغْسِلْهُ " وَالثَّانِي: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ، وَالتَّأْوِيلُ فِيهِ عِنْدَهُمْ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَفَسَّرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ " النَّضْحَ " أَوْ " الرَّشَّ " الْمَذْكُورَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ، فَقَالَ: وَمَعْنَى الرَّشِّ: أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْلِبُهُ، بِحَيْثُ لَوْ كَانَ بَدَلَ الْبَوْلِ نَجَاسَةٌ أُخْرَى، وَعُصِرَ الثَّوْبُ: كَانَ يَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ. وَالصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى الذَّكَرِ، وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الصَّبِيَّةِ خِلَافٌ، وَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ الْغَسْلِ. لِلْحَدِيثِ الْفَارِقِ بَيْنَ بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَعْنَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وُجُوهٌ: مِنْهَا: مَا هُوَ رَكِيكٌ جِدًّا، لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُذْكَرَ. وَمِنْهَا: مَا هُوَ قَوِيٌّ، وَأَقْوَى ذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ النُّفُوسَ أَعْلَقُ بِالذُّكُورِ مِنْهَا بِالْإِنَاثِ، فَيَكْثُرُ حَمْلُ الذُّكُورِ، فَيُنَاسِبُ التَّخْفِيفَ بِالِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ، دَفْعًا لِلْعُسْرِ وَالْحَرَجِ، بِخِلَافِ الْإِنَاثِ، فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَلِيلٌ فِيهِنَّ، فَيَجْرِي عَلَى الْقِيَاسِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْغَسْلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مُجَرَّدِ إيصَالِ الْمَاءِ، مِنْ جِهَةِ قَوْلِهَا " وَلَمْ يَغْسِلْهُ " مَعَ كَوْنِهِ أَتْبَعَهُ بِمَاءٍ. [حَدِيثُ بَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ ﷺ] " الْأَعْرَابِيُّ " مَنْسُوبٌ إلَى الْأَعْرَابِ، وَهُمْ سُكَّانُ الْبَوَادِي، وَوَقَعَتْ النِّسْبَةُ إلَى الْجَمْعِ دُونَ الْوَاحِدِ فَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْقَبِيلَةِ، كَأَنْمَارٍ؛ أَوْ لِأَنَّهُ لَوْ نُسِبَ إلَى الْوَاحِدِ، وَهُوَ " عَرَبٌ " لَقِيلَ: عَرَبِيٌّ، فَيُشْتَبَهُ الْمَعْنَى، فَإِنَّ " الْعَرَبِيَّ " كُلُّ مَنْ هُوَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ ﵇، سَوَاءٌ كَانَ سَاكِنًا بِالْبَادِيَةِ أَوْ بِالْقُرَى وَهَذَا غَيْرُ

1 / 121