عن جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ أنّه قال: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا على أموالكم، ولا تدعوا على خَدَمِكُم؛ لا توافقوا من الله ساعةً لا يُسأَلُ فيها شيئًا إلا أعطاه".
قيل: لا تنافي بين الآية والحديث؛ فإن الآية اقتضت الفَرْقَ بين دعاءِ المُخْتارِ ودعاءِ الغضبان الذي لا يختار ما دعا به، والحديثُ دل على أن لله سبحانه أوقاتًا لا يَرُدُّ فيها داعيًا، ولا يُسْأَلُ فيها شيئا إلَّا أعطاه؛ فنهى الأُمَّةَ أن يدعو أحدهم على نفسه أو أهله أو ماله، خشية أن يوافق تلك الساعة، فَيجَابُ له (^١).
ولا ريب أن الدعاء بالشرِّ كثيرًا ما يُجابُ، كالدعاء بالخير (^٢)، والإنسان يدعو على غيره ظلمًا وعدوانًا [و] مع ذلك فقد يستجاب له، ولكنّ إجابةَ دعاء الخير من صفة الرحمة، وإجابةَ ضدِّه من صفة الغضب، والرحمةُ تغلب الغضب.
والمقصودُ أن الغضبَ مُؤَثِّرٌ في عدم انعقاد السَّبب في الجملة.
ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)﴾ [الإسراء: ١١] وهو الرجل يدعو على نفسه وأهله بالشر في حال الغضب.
_________
(^١) انظر: "جامع العلوم والحكم" (١/ ٢٧٦).
(^٢) في الأصل: "كثيرًا ما يجاب الدعاء بالخير". ولعل الصواب ما أثبتُّ.
1 / 12