النفوس وتعمها، أقام بعده الأئمة الهادين، كل واحد منهم في عصره وزمانه36 ليبلغ كل واحد منهم التأويل إلى من يرغب فيه من المرتادين. فجعل صلاة العشاء في ظلمة الليل وغسقه دلالة على شكر الله تعالى ذكره على هذه الموهبة الأخيرة التى بها تمت منافع الدين في الدور. فإذا قضينا صلاة العشاء على هذه النية التى قلنا فقد قضينا ما على جوارحنا من قضاء هذه الفريضة، وما على نفوسنا من معرفة هذا الحد الشريف، وأنتم في غفلة ساهون تقضون [229] الصلاة ظاهرها ولا تعلمون حقائقها. فليس بينكم وبين اليهود والنصارى فرق إلا أن شريعتكم جديدة وشريعتهم قديمة. هذا تأويلنا لمعرفة الصلوات8 الخمس
فأما معرفة حالاتها فإن الكتاب يخرج عن غرضه إن أخذنا فيها، لكنا نذكر منها فرعا يستدك به على سائر فروعها. ولنبتدئ بما هو أعظم وأظهر، وهو29 الركوع والسجود اللذان أوقعنا أحدهما، وهو الركوع على الأساس والآخر وهو السجود على الناطق. وأوضح عن علة تفريد الركوع وتثنية السجود ليصح عند خصومنا حقيقة ما ضمناه فيها من تأويلها بعون الله وتوفيقه. فأقول: إنا أوقعنا الركوع على الأساس والسجود على الناطق لأن الركوع انحناء الصلب وهو الظهر. فكان الأساس من صلبه انحنى للناطق لقبول حظه منه.0 [230 وكذلك تأويله ودعوته إنما هو انحناء ظاهر شريعة الناطق، فقابل كل شيء منه
पृष्ठ 246