ولكني عندما عدت إلى البيت جعلت أفكر: إن النظرية الفلكية الحديثة تقول إن هذا الكون، بنجومه وكواكبه، قد انفجر في لحظة واحدة قبل خمسة آلاف مليون سنة، وإذن يجب أن نستنتج أن عمر الأرض لا يختلف عن عمر الكواكب الأخرى بآلافها وملايينها، ونحن على هذه الأرض قد وصلنا إلى التفكير في غزو القمر، وإلى تأليف الكتب عن السياحة الفضائية، وليس بعيدا، بل إن من المرجح أن التطور الذي عرفناه على أرضنا، وانتهى بظهور الإنسان، قد عرفته كواكب أخرى بدرجات تتفاوت قليلا نحو التقدم أو التأخر، وإذن يجب أن نستنتج أن هناك ناسا أو بشرا في الكواكب يفكرون مثلما نفكر، ولعل بعضهم قد سبقنا إلى تهيئة الوسائل لنقلهم إلى الأرض.
وقلت: بدلا من أطباق طائرة تخرج من الأرض لاستعمار المريخ أطباق طائرة تخرج منه لاستعمار الأرض؟
وإذن، لا بد من الاستنتاج أيضا بأن المريخيين، أو غيرهم من سكان الكواكب الأخرى، قد أرسلوا الأطباق الطائرة للاستكشاف والاستطلاع، وأنهم يكتبون التقارير عن كواكبنا، وليس بعيدا أن نجد ذات صباح نحو مليون مريخي قد هبطوا الأرض وطلبوا منا الطاعة أو الإعدام.
كان تفكيري يجري على مستوى التفكير وحده؛ أي بلا عاطفة، كأني أقوم بتقديرات حسابية، وصرت بعد ذلك أتتبع الأخبار عن هذه الأطباق الطائرة، ولكن يجب أن أعترف أني لم أكن أتحدث إلى أحد عنها خشية أن يتهمني بالجنون، كما سبق لي أن اتهمت الذين تجرأوا على القول بأنهم شاهدوها.
وكثرت الشائعات، وتناقضت الأقاويل، وشرع قلبي يهمس بها إلى عقلي في خوف وترقب، ولكن مع الصمت الذي التزمته خشية اللوم أو السخرية.
وحدث ذات صباح أن نشرت الجرائد أخبارا بعناوين لوائية، تخفق على عرض الصفحات الأولى، تتلخص في أن روسيا أنزلت نحو ألف طائرة في وسط الصحراء الغربية في أفريقيا، وأنها تستعين بوسائل الشق الذري والالتحام الذري لإدارتها وإيجاد الماء بها، بل قيل إنها تصنع جميع الأغذية البشرية بالتأليف الذري في الصحراء.
وأعلنت روسيا تكذيبا عاجلا لهذه الشائعات، ولكن هذا التكذيب بدلا من أن يطمئن الجماهير زادهم حيرة، وطارت مئات من الطائرات الأمريكية والفرنسية والبريطانية للبحث في وسط الصحراء عن هذه الطائرات فلم تجد لها أثرا.
وعم الناس بلبلة؛ فمنهم من قال إن الشائعات كانت كاذبة، ومنهم من قال بل إن المريخيين قد أنزلوا بعضا منهم لاستعمار الأرض.
ولكن إذا كان المريخيون قد أنزلوا بعضا منهم إلى الأرض فأين ذهبوا؟
كان هذا السؤال يتردد على ألسنتنا، ولكن كان الجواب عليه يشيع الرعب في قلوبنا، وكان هذا الجواب: أن المريخيين قد تعلموا لغتنا، وأنهم يتخللون مجتمعاتنا ويدرسونها، وأن الأطباق الطائرة التي كان قد مضى على الشائعات الخاصة بها نحو خمس أو ست سنوات لم تكن في حقيقتها سوى طائرات تحمل إلينا المريخيين الذين كانوا ينزلون ويختلطون بنا ويتعلمون لغتنا، ويعيشون بيننا دون أن نفطن لحقيقتهم.
अज्ञात पृष्ठ