قال: «رفضت رفضا باتا، وقالت لي: «كنت أعيش كي أراك ناجحا، وأنت الآن دكتور متزوج، فما منفعتي لك؟ دعني أموت هانئة بك، وربنا يطيل عمرك».
وجعلت أتوسل إليها كي تأخذ الحقنة، ولكنها أصرت على الرفض، وانهارت صحتها وماتت بعد شهور».
وتنهد كلانا، وقلت: «اسمع يا دكتور شوقي: كانت أمك امرأة عظيمة، ولكن اعتقادي أن الإنسان الذي لا يعتقد أن أمه أعظم امرأة في العالم لا يعد إنسانا حسنا؛ إن كل أم امرأة عظيمة عند أبنائها».
الفصل الرابع
لماذا تزوج؟
إنهما شاذان أو فذان؛ كلاهما يحب الحب، وقد وجد مصدر هذا الحب في شريكه.
كان أصدقاؤه وأقاربه يتعجبون من كلفه بزوجته، وصحيح أنها كانت رشيقة مهذبة الكلمة والإيماءة، وكان بيتها مرتبا يجد فيه الزائر رونقا للأثاث ورقة في الهواء، على الرغم من الحر خارج البيت، كما يجد نظافة عامة، ولكن ليست كتلك النظافة المعقمة التي تجعلنا نذكر الصيدليات.
كان في بيتها فن، وكان زوجها يعود إليه، إلى بيته، من مكتبه، وهو في لهفة؛ كأنه قد غاب عنه عاما، فإذا دخله لا يتركه إلا في صباح اليوم التالي، بل إنه كان يتأفف من الزائرين له؛ كأنهم كانوا يشغلونه عن حبه المسرف لزوجته «بهجة».
وكانت بهجة تعرف فيه هذا الحب، وتضحك منه في فرح، وكانت قد تعودت منه نزوات، لم يكن فريد، زوجها، يخجل من إبدائها حتى أمام الغرباء من الزائرين؛ فقد كان يهب منتفضا من كرسيه فيقصد إليها ويغمر وجهها بوابل من القبلات، بين ضحك الزائرين وتعجبهم.
وكنت كثيرا ما أداعبهما وأقول إن هذا الكلف مفسد لهما، وأنه يجب أن يخرجا من هذا النشاط المحدود إلى نشاط أوسع؛ أي يجب أن يخرج فريد ثلاثة أيام على الأقل كل أسبوع كي يلتقي بأصدقائه في النادي أو المقهى، ويتصل عن طريقهم بالمجتمع، كما يجب على بهجة أن تزور صديقاتها وتتعرف إلى الأخبار والآراء.
अज्ञात पृष्ठ