इदाह तौहीद
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
शैलियों
وقول المصنف: «ما لا يتصور في العقل عدمه» (بضم الياء)، مبني على لما يسم فاعله، بمعنى لا يدرك، أو بفتحها مبني للفاعل بمعنى لا يمكن، وقوله: «في العقل» يحتمل أن «أل» فيه للعهد، والمعهود الفرد الكامل ويحتمل أنها للإستغراق، وعليه فهو شامل لكل عقل، لكن بقطع النظر عن العلائق المانعة من ذلك كالشبه التي تقوم لعقل الفرق الضالة، وقد وقع لهم في حد العقل تعاريف كثيرة أحسنها أنه روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية، ثم إن قوله: «ما لا يتصور في العقل عدمه» إذ العقل قد يتصور المحال. وأجيب بأن المراد بالتصور هنا التصديق بمعنى الإذعان والقبول، ودخل في التعريف كل من الواجب الضروري والواجب النظري، والأول هو ما لا يحتاج إلى نظر واستدلال كالتحيز للجرم بمعنى أخذه قدرا من الفراغ الموهوم، والثاني هو ما يحتاج إلى ذلك كقدرة الله تعالى وكذا سائر ما ذكر في هذا الفن.
قال المصنف: «فمن الواجب له تعالى الوجود».
أقول: قد أخذ المصنف في تبيين كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة، وقوله: فمن الواجب له تعالى؛ فمن (بكسر الميم) معناها التبعيض، أي فبعض الواجب له تعالى الوجود وهو نقيض العدم، وإنما قدم الوجود على غيره لأنه كالأصل لما عداه، إذ لا يصح الحكم بالقدم وما بعده إلا بعد ثبوته، والوجود عين الموجود لأنه وجوده تعالى نفس تحققه، وثبوته في نفس الأمر، ومن الدليل على وجوده تعالى هو أنه لو لم يكن موجودا لكان معدوما واللازم باطل فكذا الملزوم.
पृष्ठ 293