इदाह तौहीद
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
शैलियों
وروي عن ابن عمر أن رجلا قام إليه فقال: «يا أبا عبد الرحمان، إن أقواما يزنون ويسرقون ويشربون الخمر، ويقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ويقولون كان ذلك في علم الله، فلم نجد منه بدا» فغضب، فقال: «سبحان الله العظيم قد كان في علمه أنهم يفعلونه، فلم يحملهم علم الله على فعلها، حدثني أبي عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مثل علم الله فيكم كمثل السماء التي أظلتكم والأرض التي أقلتكم، فكما لا تستطيعون الخروج من السماء والأرض فكذلك لا تستطيعون الخروج من علم الله تعالى، وكما لا تحملكم السماء والأرض على الذنوب فكذلك لا يحملكم علم الله عليها»، فهذا الحديث صريح في أن علم الله تعالى لا يحمل الناس على فعل ما علم منهم، وإنما هو انكشاف للذات العلية في جميع الأشياء، فلا ينافي إمكان الممكنات واستحالة المستحيلات، وبهذا الجواب تنحل جميع شبه الأشاعرة فلا يبقى لها قرار». انتهى. من معارج الأمال على مدارج الكمال.
التنبيه الثالث: في أول الواجبات على المكلف.
وقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من ذهب إلى أن الأول من الواجبات هو المعرفة، وقيل: هو النظر الموصل إليها، وقيل: هو أول جزء من النظر، وقيل: هو القصد إلى النظر .انتهى.
قلت: والقول بأن أول الواجبات المعرفة هو الذي ذهب إليه سيدي نور الدين - رضي الله عنه - على ظاهر عبارته في المشارق ونصها فيه: «اعلم أنه أول ما يجب على المكلف أن يعلم أن له صانعا صنعه، وأنه هو الإله، وأنه ليس كمثله شيء، وأن له رسولا يسمى محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي، وفي لزوم معرفة جده ونسبه قولان، وأنه صادق فيما أخبر به عن الله تعالى، فإذا عرف هذا وصدق به كان مؤمنا عند الله وعند العباد حتى يضيع فريضة لزمته».
पृष्ठ 244