इदाह तौहीद
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
शैलियों
وهذه المسألة معروفة بين أهل الكلام بتكليف ما لا يطاق وذلك : كتكليف الإنسان الطيران، وتكليف المقعد القيام، وتكليف الأعمى بالإبصار، وتكليف الأصم أن يسمع، وتكليف المريض الصحة. فهذه وأشباهها أمور غير ممكنة في حق هؤلاء، فالتكليف بها لا يصح عندنا وعند المعتزلة، لأن الطيران ليس من قدرة الإنسان، ولا الصحة من قدرة المريض إلى غير ذلك، والله سبحانه وتعالى حكيم تتعالى أفعاله عن العبث. وذهب الأشعرية إلى جواز التكليف بذلك بل إلى وقوعه، وقال القاضي: «إنه جائز غير واقع والحجة لنا عليهم، أنه لا يصح التكليف من الحكيم إلا لحكمة وهو سبحانه وتعالى حكيم والتكليف بما لا يطاق لا حكمة فيه بل هو عبث، وليس العبث من صفات الألوهية، فمن كان عابثا فليس بإله فيلزم بتكليف ما لا يطاق انتفاء الألوهية، وهو سبحانه وتعالى الإله الحكيم، والحجة لنا من الكتاب قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (¬1) ، و{لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} (¬2) ، والوسع دون الطاقة، وقال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} (¬3) ، وقال: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} (¬4) ، أي من ضيق، وقال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (¬5) ، وقال تعالى: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} (¬6) ، وأيضا فلو جاز أن يكلف الله ما لا يطاق لجاز أن يكلف الأعمى النظر، والمقعد المشي، ولجاز أن يكلف الإنسان الطيران، وأشباه ذلك، ولو جاز ذلك لجاز أن يكلف الأشجار والنبات والجماد، إذ لا فرق بين الأمرين ومن بلغ هذا الحد عد من المجانين.
احتجت الأشاعرة على صحة قولهم بتجويز ذلك، بأمور:
¬__________
(¬1) - سورة البقرة: 286.
(¬2) - سورة الطلاق: 7.
(¬3) - سورة آل عمران: 97.
(¬4) - سورة الحج: 78.
(¬5) - سورة البقرة: 185.
(¬6) - سورة النساء: 28.
पृष्ठ 237