इदाह तौहीद
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
शैलियों
يا أهل المدينة، داركم دار الهجرة، ومثوى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآله لما نأت به داره، وضاق به قراره، وآذاه الأعداء وتجهمت له، فنقله الله إليكم، بل إلى قوم لم يكونوا لعمري أمثالكم، متوازرين مع الحق على الباطل، مختارين الآجل على العاجل، يصبرون للضراء رجاء ثوابها، فنصروا الله وجاهدوا في سبيله، وآزروا رسوله صلى الله عليه وعلى آله، واتبعوا النور الذي أنزل معه، وآثروا الله على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، فقال الله تعالى لهم ولأمثالهم ولمن اهتدى بهديهم: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (¬1) ، وأنتم أبناؤهم ومن بقي من خلفهم، تتركون أن تقتدوا بهم، وتأخذوا بسنتهم، عمي القلوب، صم الأذان، اتبعتم الهوى، فأرداكم عن الهدى، وأسهاكم عن مواعظ القرآن، لا يزجركم فتنزجرون، ولا يعظكم فتتعظون، ولا يوقظكم فتستيقظون؛ لبئس الخلف أنتم من قوم مضوا قبلكم، ما سرتم سيرتهم، ولا حفظتم وصيتهم، ولا احتذيتم مثالهم؛ لو انشقت عنهم قبورهم، فعرضت عليهم أعمالكم لعجبوا كيف صرف العذاب عنكم.
ألا ترون إلى خلافة الله وإمامة المسلمين، كيف أضيعت حتى تداولها بنو مروان، أهل بيت اللعنة، وطرداء رسول الله، وقوم الطلقاء؛ ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ولا التابعين بإحسان، فأكلوا مال الله أكلا، ولعبوا بدين الله لعبا، واتخذوا عباد الله عبيدا، يورث الأكبر منهم ذلك الأصغر؛ فيالها أمة ما أضعفها وأضيعها، ومضوا على ذلك من سيء أعمالهم واستخفافهم بكتاب الله، قد نبذوه وراء ظهورهم، فالعنوهم لعنهم الله لعنا كما يستحقونه.
ولقد ولي منهم عمر بن عبد العزيز فاجتهد ولم يكد، وعجز عن الذي أظهر، حتى مضى لسبيله». قال: «ولم يذكره بخير ولا شر». اه.
¬__________
(¬1) - ... سورة الحشر: 9.
पृष्ठ 128