كل عقل فإنه مملوء صورا، إلا أن من العقول ما يحيط بصور أكثر كلية، ومنها ما يحيط بصور أقل كلية. وذلك أن الصور التى فى العقول الثوانى السفلية بنوع جزئى هى فى العقول الاول بنوع كلى. والصور التى هى للعقول الأول بنوع كلى هى فى العقول الثوانى بنوع جزئى. وللعقول الأول قوى عظيمة لأنها أشد وحدانية من العقول الثوانى السفلية. وللعقول الثوانى السفلية قوى ضعيفة لأنها أقل وحدانية وأكثر تكثيرا وذلك أن العقول القريبة من الواحد الحق المحض أقل كمية وأعظم قوة. والعقول التى هى أبعد من الواحد الحق المحض أكثر كمية وأضعف. فلما كانت العقول القريبة من الواحد الحق المحض أقل كمية عرض من ذلك أن تكون الصور التى تنبجس من العقول الأول انبجاسا كليا متوحدا تنبجس من العقول الثوانى انبجاسا جزئيا متفرقا.
ونختصر فنقول: إن الصور التى تأتى من العقول الثوانى هى أصعب انبجاسا وأشد تفرقا؛ فلذلك صارت العقول الثوانى تلقى أنوارها على الصور الكلية التى فى العقول الكلية فتجزئها وتفرقها لأنها لا تقوى أن تنال تلك الصور على حقيقتها وصورتها إلا بالنوع الذى يقوى على نيلها، أعنى بالتفريق والتجزئة. وكذلك كل شىء من الأشياء إنما ينال ما فوقه بالنوع الذى يقوى على نيله، 〈لا〉 بالنوع الذى عليه الشىء المنال.
[chapter 10] ١٠ — باب آخر
पृष्ठ 13