وليس التفخيم والإمالة اختلافا في نفس اللغة وإنما ذلك اختلاف في اللحن وتقدير الصوت وتزيينه، وقد اختار كل فريق من العرب ما رآه أوفق بطباعه واتبعهم على إختلافهم متبعون من غيرهم .
... وكذلك الإدغام فإنه أمرشائع في سائر العرب، ألا ترى أنك لا تجد منهم إلا من يدغم لام المعرفة عند الحروف التي تخرج من طرف اللسان كالثاء والتاء والدال والذال والنون ونحوها،وكذلك لا أجد من العرب إلا وهو يدغم الطاء الساكنة قبل التاء أو التاء الساكنة قبل الطاء كقوله: ( أحطت بما لم تحط به ) ]النحل22[ وقوله ( وقالت طائفة ) ]آل عمران72[ ونحو ذلك.
وليس يكاد اللسان يطوع بالإظهار في أمثال هذه المواضع إلا على إكراه شديد ، وكذلك اللام الساكنة قبل الراء كقوله: ( قل ربي يعلم القول ) ] الأنبياء4[ وقوله: ( بل رآن ) ] المطففين14 [، مع أن من أهل الحجاز من يظهر اللام ها هنا (¬1) .
ثم تختلف مذاهب العرب في الإدغام والإظهار في كثير من الحروف، وذلك أيضا تزيين الصوت وتحسين اللحن ليس باختلاف في أصل اللغة، ولكنهم إذ قد تباينوا فيه عد في إختلاف لغاتهم (¬2) .
فهذه الوجوه السبعة التي بها أختلفت لغات العرب قد أنزل الله بإختلافها القرآن متفرقا فيه ليعلم بذلك أن من زل عن ظاهر التلاوة بمثله أو من تعذر عليه ترك عادته فخرج الى نحو مما قد نزل به فليس بملوم فيه ولا معاقب عليه، وكل ذلك إن كان فيما لم تختلف/16و/ فيه المعاني فإنه إنما ينسب الى اختلاف اللغات إذا لم يكن بإختلاف المعاني فأما أن تختلف العبارة بإختلاف المعنى فذلك لا يقتضي الاختلاف في اللغة؛ لأن اللغات مبنية على اختلاف العبارات عن اختلاف المعاني.
पृष्ठ 78