﴿بِيَدِك الْخَيْر﴾
اعْلَم أَن الْيَد لُغَة حَقِيقَة فِي الْجَارِحَة الْمَعْرُوفَة وتستعمل مجَازًا فِي معَان مُتعَدِّدَة كَمَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَإِذا ثَبت بِالدَّلِيلِ الْعقلِيّ تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن الْجَوَارِح لما فِيهِ من التجزىء الْمُؤَدِّي إِلَى التَّرْكِيب وَجب حمل اللَّفْظ على مَا يَلِيق بجلاله تَعَالَى من الْمعَانِي المستعملة بَين أهل اللِّسَان وَهِي النِّعْمَة وَالْقُدْرَة وَالْإِحْسَان
أما النِّعْمَة فكقولهم لفُلَان عِنْدِي يَد لَا أُطِيق شكرها وَلفُلَان عَليّ أياد يعجز عَن شكرها وَالْمرَاد نعم وإحسان يُرِيدُونَ التَّجَوُّز واستعماله أَن الْيَد آلَة الْإِعْطَاء غَالِبا فأطلقت على النِّعْمَة بِإِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب وَأما الْقُدْرَة فكقولهم هَذِه الْبَلدة فِي يَد السُّلْطَان وَيُقَال امري بِيَدِك وَفُلَان بِيَدِهِ الْأَمر وَالنَّهْي وَمِنْه قَوْله تَعَالَى ﴿أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح﴾ وَالْمرَاد فِي ذَلِك كُله الْقُدْرَة والتمكن من التَّصَرُّف إِذْ لَيْسَ الْبَلَد وَالْأَمر وَالنَّهْي وعقدة النِّكَاح فِي حَقِيقَة يَد السُّلْطَان وَالْوَلِيّ الَّتِي هِيَ عَفْو فَتعين ان المُرَاد قدرته وتصرفه
وَقد تسْتَعْمل الْيَد مثله للتَّأْكِيد فِي التَّقَدُّم كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿بَين يَدي رَحمته﴾ و