فكان يكون ذلك إجحافًا بها أصلًا. وما لم يكن عامًا وكان نزرًا يسيرًا في جنب الأسماء الصحاح، كان أسهل فاحتمل فيه ذلك.
جواب آخر أن يقال: إن هذه الأسماء معتلة اللامات نحو قاض وداع وما أشبه ذلك، وإن كان يلزمها الحذف في بعض الأحوال، فليس بلازم لها. ألا ترى إذا أدخلت فيها الألف واللام أو أضفتها لم تسقط منها شيئًا. كقولك: هذا القاضي والغازي والداعي، وهذا قاضي واسط، وغازي بلاد العدو، وما أشبه ذلك. فلما كان الحذف إنما يلحقها في حال واحدة استجازوه فيها، فلم يكن مفسدًا لأصولها ولا ناقضًا لمعنى. ولو أوجبنا لها ولسائر الأسماء الجزم، كان حذف الحركة لازمًا لها في كل حال، وكان الحكم على لزوم الاختلال لها واجبًا، فلم يجز لذلك.
جواب آخر ثالث: وهو أن هذه الأسماء يجريها كثير من العرب بالإعراب ولا يستثقلون فيها الحركات، فلا يحذفون منها شيئًا في حال رفع ولا نصب ولا خفض، فيقولون: هذا قاضي وغازي وداعي. ومررت بقاضي وغازي وداعي وكذلك ما أشبهه فيجرونه بالإعراب ولا يحذفون منه شيئًا. فهذا السؤال ساقط على مذهب هؤلاء.
جواب رابع يقال: هذه الأسماء لما كانت معتلَّة، ولم تسع الحركات فيها في حال الرفع والخفض؛ فجعل التنوين فيها عوضًا من نقصان البناء، لا علامة للصرف فلما لزمها التنوين حذفت الياء وبقي ما يدل عليها وهي الكسرة. فكان في التنوين عوض من نقصان الياء وفي الكسرة دليل على الياء.
والدليل على أن التنوين في هذه الأسماء عوض من نقصان البناء، تنوينك مثل: جوار وقواض وغواش وسوار، في حال الخفض والرفع. فأما في حال النصب فإن البناء يتم لخفة الفتحة؛ فترجع إلى الامتناع من الصرف لكمال البناء،
1 / 105