باب ذكر علّة ثقل الفعل وخفَّة الاسم
قال البصريون: الفعل أثقل من الاسم. لأن الأسماء هي الأفعال. وهي أشدّ تمكنًا من الأفعال، لأن الأسماء يستغني بعضها ببعض عن الأفعال. كقولك: الله ربّنا، ومحمد نبينا، وزيد أخوك. والفعل لا يستغني عن الاسم، ولا يوجد إلاّ به. وكشف بعضهم عن هذا المعنى أبيَن من هذا فقال: وجه ثقل الفعل وخفَّة الاسم أن الاسم إذا ذكر فقد دل على مُسمى تحته، نحو رجل وفرس ولا يطول فكر السامع فيه، والفعل إذا ذكر لم يكن (بد) من الفكر في فاعله، لأنه لا ينفك منه، ويستحيل وجوده من غير فاعل. قالوا: ولذلك صارت النكرات من الأسماء أخف من المعارف، لأنه إذا ذُكر الواحد منها دل على مُسمَّى تحته، بغير فكر في تحصيله بعينه، وإذا ذُكر الاسم المعروف فلا بد من الفكر في تحصيله دون سائر من يشركه فيه. الا ترى أنك إذا قلت: جاءني محمد، ذكرت واحدًا معروفًا فسبيله أن يحصّله بعينه من سار من قد يشركه في التسمية، وإلا لم يكن لذلك معنى، وكنت تقول له: جاءني رجل يقال له محمد وإنما تقول له هذا عند ظنّك بأنه عارف به وربما أشكل.
وقال آخرون: إنما خف الاسم لأنه لا يدل إلا على المسمى الذي تحته. وثقل
1 / 100