واختلف القائلون أيضا بأن وجود الماء ينقض التيمم في حد الناقض، قال بعضهم: رؤية الماء حدث ينقض التيمم، وقال آخرون: إنما ينقض التيمم وجود الماء مع إمكان الغسل، وسبب اختلافهم عندي ما يدل عليه اسم الوجود من قوله عليه الصلاة والسلام: (ما لم تجد الماء ) هل هو وجود رؤية كوجدان الضالة أو وجود قدرة وإمكان؟ والنظر يوجب عندي([8]) أن يكون الوجود ها هنا وجود قدرة وإمكان لأنه لما كان وجود الماء من غير إمكان الغسل يبيح له التيمم كان وجوده أيضا من غير إمكان الغسل لا ينقضه والله أعلم. واشترط بعضهم مع إمكان الغسل دخول الوقت، وعندي أنهم إنما راعوا في ذلك لما كان عدم الماء قبل الوقت غير مبيح للتيمم ولا يسمى عادما للماء كان وجود الماء أيضا قبل الوقت غير ناقض للتيمم والله أعلم. وكذلك المقيم إن تيمم بالعذر ثم استراح ولم يجد الماء، قال بعضهم: ينتقض عليه تيممه كما ينتقض تيممه برؤية الماء، لأن ما أبيح لعلة يرتفع تحليله بارتفاع العلة، وقال آخرون: لا ينتقض تيممه، وذلك عندي لما كان عدم الماء يبيح له التيمم مع وجود الصحة كان استراحة من المرض لا ينتقض تيممه إلا بوجود الماء مع إمكان الغسل والله أعلم. وإن شك أنه تيمم أولا فإنه يتيمم حتى يكون على اليقين، وأما إن أيقن بالتيمم فشك أنه انتقض عليه أم لا فإنه على اليقين من تيممه، ولا يرفع الشك ما ثبت باليقين لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا )([9]) فكأن شكه في الصلاة لا يؤثر في طهارته وكذلك في غير الصلاة على هذا الحال والله أعلم.
---------------------------------------------------------------------- ----------
पृष्ठ 315