وَلِذَلِكَ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﵇ فِي مُحَاجَّةِ قَوْمِهِ: ﴿مَا تَعْبُدُونَ - قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ - قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ - أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ - قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٧٠ - ٧٤] فَحَادُوا كَمَا تَرَى عَنِ الْجَوَابِ الْقَاطِعِ الْمُورَدِ مَوْرِدَ السُّؤَالِ إِلَى الِاسْتِمْسَاكِ بِتَقْلِيدِ الْآبَاءِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ - بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢١ - ٢٢].
فَرَجَعُوا عَنْ جَوَابِ مَا أُلْزِمُوا إِلَى التَّقْلِيدِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾ [الزخرف: ٢٤]، فَأَجَابُوا بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ، رُكُونًا إِلَى مَا ذَكَرُوا مِنَ التَّقْلِيدِ، لَا بِجَوَابِ السُّؤَالِ.
فَكَذَلِكَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَنْكَرُوا مَا تَوَقَّعُوا مَعَهُ زَوَالَ مَا بِأَيْدِيهِمْ; لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِهِمْ، وَأَتَى بِخِلَافِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ.
حَتَّى أَرَادُوا أَنْ يَسْتَنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ السِّيَاسَةِ فِي زَعْمِهِمْ، لِيُوقِعُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ [ـهُ] الْمُؤَالَفَةَ وَالْمُوَافَقَةَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَيَقْنَعُوا مِنْهُ بِذَلِكَ; لِيَقِفَ لَهُمْ بِتِلْكَ الْمُوَافَقَةِ وَاهِي بِنَائِهِمْ، فَأَبَى ﵊ إِلَّا الثُّبُوتَ عَلَى مَحْضِ الْحَقِّ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى خَالِصِ الصَّوَابِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ:
1 / 25