419

इक़्तिसाम

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

संपादक

سليم بن عيد الهلالي

प्रकाशक

دار ابن عفان

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

प्रकाशक स्थान

السعودية

وَمِثْلُ هَذَا مَا يَجْرِي بَيْنَ الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَبَيْنَ الْمَكْرُوهِينَ.
وَإِنْ كَانَتِ الْعُزْلَةُ مُؤَدِّيَةً إِلَى تَرْكِ الْجُمُعَاتِ، وَالْجَمَاعَاتِ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الطَّاعَاتِ. . . وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهَا [مُوقِعَةٌ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ جِهَةٍ، وَ] أَيْضًا سَلَامَةٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَيَقَعُ التَّوَازُنُ بَيْنَ الْمَأْمُورَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ.
وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ، إِذَا أَدَّى إِلَى الْعَمَلِ بِالْمَعَاصِي، وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ مَعْصِيَةٌ؛ كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ - غَيْرَ أَنَّهُ مُشْكِلٌ - مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ بِسَنَدِهِ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ: أَنَّهُ قَالَ لِـ مَعْنِ بْنِ ثَوْرٍ: هَلْ تَدْرِي لِمَ اتَّخَذَتِ النَّصَارَى الدِّيَارَاتِ؟ قَالَ مَعْنٌ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ الْمُلُوكُ الْبِدَعَ، وَضَيَّعُوا أَمْرَ النَّبِيِّينَ، وَأَكَلُوا الْخَنَازِيرَ؛ اعْتَزَلُوهُمْ فِي الدِّيَارَاتِ، وَتَرَكُوهُمْ وَمَا ابْتَدَعُوا، فَتَخَلَّوْا لِلْعِبَادَةِ، قَالَ حَبِيبٌ لِـ مَعْنٍ: فَهَلْ لَكَ؟ قَالَ: لَيْسَ بِيَوْمِ ذَلِكَ.
فَاقْتَضَى أَنَّ مِثْلَ مَا فَعَلَتْهُ النَّصَارَى مَشْرُوعٌ فِي دِينِنَا كَذَلِكَ، وَمُرَادُهُ أَنَّ اعْتِزَالَ النَّاسِ عِنْدَ اشْتِهَارِهِمْ بِالْبِدَعِ وَغَلَبَةِ الْأَهْوَاءِ عَلَى حَدِّ مَا شُرِعَ فِي دِينِنَا مَشْرُوعٌ، لَا أَنَّ نَفْسَ مَا فَعَلَتِ النَّصَارَى فِي رَهْبَانِيَّتِهَا مَشْرُوعٌ لَنَا؛ لِمَا ثَبَتَ مِنْ نَسَخِهِ.
فَعَلَى هَذِهِ الْأَحْرُفِ جَرَى كَلَامُ الْإِمَامِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ نَقَلَ هُوَ عَنْهُمْ وَاحْتَجَّ بِهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُمُ التَّرْغِيبُ فِي الْعُزْلَةِ كَانُوا مُتَزَوِّجِينَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ الْبَقَاءِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ؛ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى التَّحَرِّي فِي الْمُوَازَنَةِ بَيْنَ مَا يَلْحَقُهُمْ بِسَبَبِ التَّزَوُّجِ.
فَلَا إِشْكَالَ إِذًا عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّنْ سَلَكَ

1 / 439