174

इक़्तिसाम

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

अन्वेषक

سليم بن عيد الهلالي

प्रकाशक

دار ابن عفان

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

प्रकाशक स्थान

السعودية

إِلَى رَأْيٍ ثَالِثٍ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا يَقْضِي بِهِ حَقًّا; لَكَفَى فِي إِصْلَاحِ مَعَاشِ الْخَلْقِ وَمَعَادِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِبَعْثَةِ الرُّسُلِ ﵈ فَائِدَةٌ، وَلَكَانَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُعَدُّ الرِّسَالَةُ عَبَثًا لَا مَعْنَى لَهُ، وَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ، فَمَا أَدَّى إِلَيْهِ مِثْلُهُ. فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُمْ قَدَّمُوا أَهْوَاءَهُمْ عَلَى الشَّرْعِ، وَلِذَلِكَ سُمُّوا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَفِي إِشَارَةِ الْقُرْآنِ: أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، وَذَلِكَ لِغَلَبَةِ الْهَوَى عَلَى عُقُولِهِمْ، وَاشْتِهَارِهِ فِيهِمْ، لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِالْمُشْتَقِّ إِنَّمَا يُطْلَقُ إِطْلَاقَ اللَّقَبِ إِذَا غَلَبَ مَا اشْتُقَّتْ مِنْهُ عَلَى الْمُسَمَّى بِهَا. فَإِذًا تَأْثِيمُ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ ظَاهِرٌ; لِأَنَّ مَرْجِعَهُ إِلَى اتِّبَاعِ الرَّأْيِ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الْهَوَى الْمَذْكُورِ آنِفًا. وَالرَّابِعُ: أَنَّ كُلَّ رَاسِخٍ لَا يَبْتَدِعُ أَبَدًا، وَإِنَّمَا يَقَعُ الِابْتِدَاعُ مِمَّنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي ابْتَدَعَ فِيهِ، حَسْبَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ، فَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِ جُهَّالِهِمُ الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَاجْتِهَادُ مَنِ اجْتَهَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إِذْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ شُرُوطَ الِاجْتِهَادِ، فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الْعُمُومِيَّةِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَامِّيُّ حَرَامًا عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي الْأَدِلَّةِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، كَانَ الْمُخَضْرَمُ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْجَهَالَاتِ مِثْلَهُ فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالنَّظَرِ الْمَعْمُولِ بِهِ، فَإِذَا أَقْدَمَ عَلَى مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ; كَانَ آثِمًا بِإِطْلَاقٍ. وَبِهَذِهِ الْأَوْجُهِ الْأَخِيرَةِ; ظَهَرَ وَجْهُ تَأْثِيمِهِ، وَتَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُجْتَهِدِ الْمُخْطِئِ فِي اجْتِهَادِهِ، وَسَيَأْتِي لَهُ تَقْرِيرٌ أَبْسَطُ مِنْ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

1 / 192