ﷺ هُوَ الْحَقُّ ضِدَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَمَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ، فَلَوْ عَلِمُوا لَحَصَلَ الْوِفَاقُ، وَلَمْ يُسْمَعِ الْخِلَافُ، وَلَكِنَّ سَابِقَ الْقَدَرِ حَتَّمَ عَلَى الْخَلْقِ مَا هُمْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١١٨].
ثُمَّ اسْتَمَرَّ مَزِيدُ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَقَامَ طَرِيقُهُ عَلَى مُدَّةِ حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وَأَكْثَرِ قَرْنِ الصَّحَابَةِ ﵃، إِلَى أَنْ نَبَغَتْ فِيهِمْ نَوَابِغُ الْخُرُوجِ عَنِ السُّنَّةِ، وَأَصْغَوْا إِلَى الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ، كَبِدْعَةِ الْقَدَرِ، وَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ، وَهِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ» ; يَعْنِي: لَا يَتَفَقَّهُونَ فِيهِ، بَلْ يَأْخُذُونَهُ عَلَى الظَّاهِرِ; كَمَا بَيَّنَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي بِحَوْلِ اللَّهِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي آخِرِ عَهْدِ الصَّحَابَةِ.
ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الْفِرَقُ تَكْثُرُ حَسْبَمَا وَعَدَ بِهِ الصَّادِقُ ﷺ:
فِي قَوْلِهِ: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَالنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً».
1 / 28