هذا غلط بيّن لأنه أدخل بابا في باب وأنكر ما هو أحسن وأجود و«واعدنا» أحسن وهي قراءة مجاهد والأعرج وابن كثير ونافع والأعمش وحمزة والكسائي، وليس قوله سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا [المائدة: ٩] من هذا في شيء، لأن «واعدنا موسى» إنما هو من باب الموافاة وليس هو من الوعد والوعيد في شيء وإنما هو من قول:
موعدك يوم الجمعة، وموعدك موضع كذا، والفصيح في هذا أن يقال: واعدته. مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مفعولان. قال الأخفش: التقدير وإذ واعدنا موسى تمام أربعين ليلة ثم حذف كما قال: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] . ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ بالإدغام، وإن شئت أظهرت لأن الذال مجهورة والتاء مهموسة فالإظهار حسن، وإنّما جاز الإدغام لأن الثاني بمنزلة المنفصل.. «العجل»: مفعول أول والمفعول الثاني محذوف.
[سورة البقرة (٢): آية ٥٢]
ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢)
ثُمَّ عَفَوْنا «ثم»: تدلّ على أن الثاني بعد الأول ومع ذلك تراخ، وموضع النون والألف رفع بالفعل.
[سورة البقرة (٢): آية ٥٣]
وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)
وَإِذْ آتَيْنا بمعنى أعطينا. مُوسَى الْكِتابَ مفعولان. وَالْفُرْقانَ عطف على الكتاب. قال الفراء: وقطرب «١»: يكون وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التّوراة، ومحمدا ﷺ الفرقان. قال أبو جعفر: هذا خطأ في الإعراب والمعنى، أما الإعراب فإن المعطوف على الشيء مثله وعلى هذا القول يكون المعطوف على الشيء خلافه، وأما المعنى فقد قال فيه جلّ وعزّ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ [الأنبياء: ٤٨] . قال أبو إسحاق «٢»: يكون الفرقان هذا الكتاب أعيد ذكره وهذا أيضا بعيد إنما يجيء في الشعر كما قال: [الوافر] ٢١-
وألفى قولها كذبا ومينا «٣»
وأحسن ما قيل في هذا قول مجاهد: فرقانا بين الحق والباطل الذي علّمه إيّاه.
[سورة البقرة (٢): آية ٥٤]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)
_________
(١) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ١٠١.
(٢) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ١٠١. [.....]
(٣) الشاهد لعدي بن زيد في ذيل ديوانه ص ١٨٣، والأشباه والنظائر ٣/ ٢١٣، وجمهرة اللغة ٩٩٣، والدرر ٦/ ٧٣، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٧٦، والشعر والشعراء ١/ ٢٣٣، ولسان العرب (مين)، ومعاهد التنصيص ١/ ٣١٠، وبلا نسبة في مغني اللبيب ١/ ٣٥٧، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٩، وصدره:
«وقدّدت الأديم لراهشيه»
1 / 53