[سورة البقرة (٢): آية ٤٦]
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦)
الَّذِينَ في موضع خفض على النعت للخاشعين. يَظُنُّونَ فعل مستقبل، وفتحت «أنّ» بالظن واسمها الهاء والميم والخبر. مُلاقُوا والأصل ملاقون لأنه بمعنى تلاقون حذفت النون تخفيفا، وَأَنَّهُمْ عطف على الأول، ويجوز «وأنّهم» بقطعه مما قبله.
[سورة البقرة (٢): آية ٤٨]
وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)
يَوْمًا منصوب باتّقوا، ويجوز في غير القرآن «يوم لا تجزي» على الإضافة.
وفي الكلام حذف بين النحويين فيه اختلاف قال البصريون «١»: التقدير يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا، ثم حذف «فيه» قال الكسائي «٢»: هذا خطأ لا يجوز «فيه» ولو جاز هذا لجاز: الذي تكلمت زيد، بمعنى تكلمت فيه، قال: ولكن التقدير واتقوا يوما لا تجزيه نفس، ثم حذف الهاء، وقال الفراء «٣»: يجوز أن تحذف «فيه» وأن تحذف الهاء، قال أبو جعفر: الذي قاله الكسائي لا يلزم لأن الظروف يحذف منها ولا يحذف من غيرها. تقول: تكلّمت في اليوم وكلمت وتكلّمت اليوم. هذا احتجاج البصريين.
فأما الفراء فردّ على الكسائي بأن قال: فإذا قلت: كلّمت زيدا وتكلّمت في زيد، فالمعنيان مختلفان فلهذا لم يجز الحذف فينقلب المعنى والفائدة في الظروف واحدة، وهذه الجملة في موضع نصب عند البصريين على نعت لليوم، ولهذا وجب أن يعود عليه ضمير، وعند الكوفيين صلة، وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ويجوز «تقبل» «٤» بالتاء لأنّ الشفاعة مؤنّثة وإنّما حسن تذكيرها لأنها بمعنى التّشفّع كما قال: [الكامل] ٢٠-
إنّ السّماحة والمروءة ضمّنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح «٥»
وقال الأخفش: حسن التذكير لأنك قد فرقت. قال سيبويه «٦»: وكلّما طال الكلام فهو أحسن وهو في الموات أكثر فرقوا بين الحيوان والموات كما فرّقوا بين الآدميّين
_________
(١) انظر البحر المحيط ١/ ٣٤٧، وإعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٩٤.
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٣٢، والبحر المحيط ١/ ٣٤٧.
(٣) انظر معاني الفراء ١/ ٣٢.
(٤) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٩٥، والبحر المحيط ١/ ٣٤٨، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو.
(٥) الشاهد لزياد الأعجم في ديوانه ص ٥٤، والأغاني ١٥/ ٣٠٨، وأمالي المرتضى ١/ ٧٢، وسمط اللآلي ص ٩٢١، والشعر والشعراء ١/ ٤٣٨، والمقاصد النحوية ٢/ ٥٠٢، وللصلتان العبدي في أمالي المرتضى ٢/ ١٩٩، وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٧٦٣، وشرح شذور الذهب ص ٢٢٠.
(٦) انظر الكتاب ٢/ ٣٤.
1 / 51