لو مكنت لمشت نحوي على قدم ... تكاد من لينها في المشي تنفطر
قال: فسمعت الذلفاء صوت سنان. فخرجت إلى صحن الفسطاط، فجعلت لا تسمع شيئا من حسن خلق ولطافة إلا رأت ذلك كله في نفسها وهيئتها فحرك ذلك ساكنا في قلبها، فهملت عيناها وعلا نحيبها، فانتبه سليمان. فلم يجدها معه فخرج إلى صحن الفسطاط فرآها على تلك الحالة، فقال: ما هذا يا ذلفاء؟ فقالت:
ألا رب شخص رائع ومشوه ... قبيح المحيا واضع الأب والجد
يروعك منه صوته ولعله ... إلى أمة يعزى معا وإلى عبد
فقال سليمان: دعيني من هذا المحال، فوالله خامر قلبك منه. يا غلام: علي بسنان.
فدعت الذلفاء خادما لها وقالت له: إن سبقت رسول أمير المؤمنين إلى سنان فحذرته، فلك عشرة آلاف درهم، وأنت حر لوجه الله تعالى.
فخرج الرسولان فسبق رسول أمير المؤمنين فلما أتى به قال: يا سنان، ألم أنهك عن مثل هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، حملين الشمول، وأنا عبد أمير المؤمنين وغرس نعمته، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفو عني فليفعل.
قال: قد عفوت عنك، ولكن أما علمت أن الفرس إذا صهل ودقت له الحجرة، وأن الفحل إذا هدر ضبعت له الناقة، ون الرجل إذا تغنى صغت إليه المرأة، وإياك والعود إلى ما كان منك فيطول غمك، انتهى.
पृष्ठ 63