ونقل عن بعض العلماء أنه ينبغي له أن لا يطول المدة في كلمة لا، ليحصل الانتقال من الكفر إلى الإيمان على أسرع الوجوه.
وما ذكر في مسألة: لا رزقه الله الإيمان استشكل بما إذا قال لمسلم: يا كافر بلا تأويل.
ويجاب بأن الكفر ثم إنما جاء من تسمية الإسلام كفرًا كما مر، وهذا ليس فيه ذلك، وبهذا يزيد اتجاه ما قدمته من أنه لو طلب ذلك رضا بالكفر كان كافرًا، ويؤديه أيضًا ما دل عليه كلام الحليمي من أنه لو تمنى مسلم كفر مسلم فإن كان ذلك كما يتمنى الصديق لصديقه ما يستحسنه كفر، لأن استحسان الكفر كفر، وإن كان كما يتمنى العدو لعدوه ما يستعظمه لم يكفر، فإذا أسلم عدوه الكافر فحزن المسلم لذلك، وتمنى أنه لم يسلم وود لو عاد إلى الكفر، لا يكفر لأن استقباحه الكفر هو الذي يحمله على أن يتمناه له، واستحسانه الإسلام هو الذي يحمله على أن يكرهه له، وإنما يكون تمني الكفر كفرا على وجه الاستحسان له، وقد تمنى موسى على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام ألا يؤمن فرعون وزاد على التمني فدعا الله بذلك بقوله: (رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) يونس/٨٨، فلم يضره ذلك ولا عاتبه الله تعالى عليه ولا زجره عنه انتهى، لكن في الاستدلال نظر، لأن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا، ولأنه يجوز أن موسى
1 / 102