الكافر ونحو ذلك مما لا يقتضي الكفر، فأبرزت لهم أن هذا اللفظ قد يكون كفرًا ليحذروه ويبعدوا عنه، ولم أبين لهم الوجه المكفر سترًا له عليهم لئلا يسمعه أحدهم فيكون سببًا له في أنه ربما يقصده، فكان ما فعلته من الإشارة إلى التفصيل به بـ: "ربما"، ومن ترهيبهم بأن ذلك كفر أبلغ وأولى، والله ﷾ يوفق من شاء لما يشاء.
وأما الاعتراض على التفريع بالفاء بما مرّ فسببه الجهل بالأحكام وبمدلولات الألفاظ أيضًا؛ لأن الحكم المحقق هو الحرمة، وأما التكفير فأمر أخص يشترط له ما مرّ، فكيف يعدل عن الأمر المحقق وهو الحرمة ولا يفرّع عليه، ويفرّع على الأمر الذي لم يعلم وجوده لإناطته بقصد المتكلم ولم يطلع عليه، بل ويندر وقوع المعنى المكفر من أحد من المسلمين كما مرّ، وذِكْر الفقهاء له إنما هو خشية من وقوعه، وإذا كان وقوعه في غاية الندور، فعلم أن التفريع على الحرمة هو الصواب الذي لا مرية فيه.
وأما الاعتراض بأن المفتي كيف يكتب التعزير الشديد، والتعزير راجع إلى رأي الحاكم في الشدة والضعف.
فجوابه وإن كان لا يستحق جوابًا لولا ما في جوابه من الفوائد التي لا تخفى على ذي لب: أن الحكام والقضاة أسرى المفتين لغلبة الجهل عليهم، وعدم معرفتهم بظواهر الأحكام فضلًا عن دقائقها.
وقد قال الأذرعي عن قضاة زمنه: ولا تغتر بقضاة زماننا فإنهم كقريبي عهد بالإسلام، هذا في قضاة زمنه، فما بالك بغيرهم، وقد أشار إلى ذلك الفارقي أيضا في قضاة زمنه مع تقدمه على زمن الأذرعي بكثير.
1 / 67