تسمية توحي بوضعه الجديد، وهو: مطلع الأنوار، ونزهة البصائر والأبصار، فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار، وتقييد ما لهم من المناقب والآثار. هذه الصورة هي التي اطلع عليها الشمس السخاوي، ووصفها، ونقل منها نص المقدمة الوارد في كتابه الإعلان بالتوبيخ. أم أن صورة الكتاب في أصله وذيله كانت غير هذا الذي بين أيدينا من نص الكتاب. لقد كان حسب العرف الجاري في مصنفات الرجال أن يستقل فيه عمل الأصل عن الذيل، فيحتفظ كل منهما بطبيعته ومادته، وإن ارتبطا بموضوع واحد، وجريا في سياق مشترك.
هذا الوضع توحي به تلك النقول التي تحدثنا عنها في أعمال المؤرخين المغاربة والأندلسيين ونسبة كل نقل منها إلى صاحبه. إن اعتبار هذا الاحتمال قد يشوش علينا هذه الصورة الموضوعية التي وصل إلينا بها نص الكتاب. غير أنه في غياب نص الكتاب الكامل، وفي غياب نسخه الخطية المتعددة، وفي غياب أي تفسير واضح ومباشر للعمل المنهجي الذي قام عليه الكتاب في أصله وذيله، يبقى أي ترجيح يقوم معه وضع الكتاب في هذا الاحتمال، ناقصا وضعيفا.
لذلك يبقى بين أيدينا من كتاب أعلام مالقة هذا الوضع الذي نقدّمه اليوم إلى القارئ. فهو بحسب تنظيم تراجمه قد قام على حروف المعجم، وهو في مادته يمثل فقط النصف الثاني من الكتاب، وقد اختلطت فيه أعمال الرجلين في بنائه وصياغة تراجمه.
العمل في تحقيق كتاب أعلام مالقة
منذ أن اكتشف أصل هذا الكتاب في إحدى مكتبات مكناس في العقد السادس من هذا القرن ومحاولات الباحثين مغربا ومشرقا لإخراج نصه وتحقيق مواده تتابع بجد واجتهاد، إلا أن هذه المحاولات كانت تصطدم دائما بالعراقيل المختلفة التي تحول دون إتمام هذا العمل. فاضطراب نسخة الأصل، وكثرة التصحيف والتحريف بها، وغياب نسخة أخرى - أو على الأقل قطعة منها - يعتمد عليها في القراءة والتقويم والمقارنة، كل هذا أجهض محاولات إخراج هذا النص أو تهيئته للقراءة بهذه الصورة أو تلك.
١ - ولعل أهم هذه المحاولات هي التي قام بها السادة الأساتذة الأجلاء:
سيدي محمد المنوني، محمد بن تاويت التطواني ﵀ (ت ١٩٩٣) في أواخر
1 / 47