71

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

प्रकाशक

دار الفكر العربي

ويكيدون الإسلام وأهله، وكانت تلك كرامة في حقنا، وظنوا أن ذلك يؤدي إلى هلاك الشيخ، فانقلبت عليهم مقاصدهم الخبيثة وانعكست من كل الوجوه، وأصبحوا وأمسوا، وما زالوا عند الله وعند الناس سود الوجوه، يتقطعون حسرات وندما على ما فعلوا، وانقلب أهل الثغر أجمعون إلى الأخ مقبلين عليه مكرمين له، وفي كل وقت ينشر من كتاب الله، وسنة رسوله ما تقر به أعين المؤمنين، وذلك شجى في حلوق الأعداء، واتفق أنه وجد بالإسكندرية إبليس قد باض فيها وفرخ، وأضل بها فرق السبعينية (١) والعربية، فمزق الله بقدومه شملهم، وشقت جموعهم شذر مذر، وهتك أستارهم وفضحهم واستتاب جماعات كثيرة منهم، وتوب رئيساً من رؤسائهم، واستقر عند عامة المؤمنين وخواصهم من أمير وقاض وفقيه ومفت وشيخ وجماعات المجتهدين، إلا من شذ من الأغمار الجمال مع الذلة والصغار - محبة الشيخ وتعظيمه وقبول كلامه والرجوع إلى أمره ونهيه، فعلت كلمة الله بها على أعداء الله ورسوله، ولعنوا سرا وجهرا، وباطناً وظاهرا في مجامع الناس بأسمائهم الخاصة بهم وصار ذلك عن نصر المنبجي المقيم المعد، ونزل به الخوف والذل ما لا يعبر عنه (٢))).

٧٥- وترى من هذا أن ذلك العالم حيثما حل كان مصدر الهداية؛ لقد حارت الصوفية الاتحادية التي تقول بالوحدة بين الموجد والموجود - في القاهرة،

(١) نسبة لابن سبعين، وهو ابن سبعين المرسي عاش في القرن السابع الهجري وتوفي بمكة سنة ٦٦٨ وهو فيلسوف صوفي كان بينه وبين فردريك الثاني مجاوبات، وقد جاء فيها في التفرقة بين الفلسفة والتصوف قوله: ((إن الفلاسفة الأقدمين رأوا أن الغاية المثلى هي التشبه بالله بينما الصوفية يدأبون على الفناء في الله، وذلك بأن يكون الصوفي قابلا لأن تدع المتن الإلهية تغمره وتفيض عليه وأن يمحوه انفعالات الحواس ويطهر مشاعر الروح (العقيدة والشريعة ص ١٣٩).

والعربية نسبة لابن عربي وهو الفيلسوف المتصوف المعروف، وقد فوهنا إلى بعض قوله.

(٢) راجع ابن كثير الجزء الرابع عشر ص ٥٠، والكتاب كله في العقود الدرية نقلا عن البرازلي ص ٢٧٤، وبين النصين خلاف قليل في بعض الألفاظ.

70