مساله الصفات من المسائل الخطيره التى لا يستحب الاسترسال في تفريعاتها وتشعب معانيها ، لذا سنطوى الكلام فيها طيا سريعا، معتمدين العباره الواضحه، مجانبين تعقيدات الفلاسفه والمتكلمين ومصطلحاتهم، مع شيء من التفصيل المقرب للمعنى.
لم تكن هذه المساله مدار بحث في عصر الصحابه، واذا طرا لاحدهم فهم في شيء منها فانه يقف عنده، ولا يجعله مدخلا لسلسله لا تنتهى من الشكوك.
ولما بلغ الشك مبلغه لدى احدهم اتى امير المومنين عليا (ع)، فقال له: يا امير المومنين، صف لنا ربنا مثلما نراه عيانا، لنزداد له حبا، وبه معرفه.
فغضب امير المومنين لظهور مثل هذه الشكوك والاوهام في الناس، فنادى: الصلاه جامعه! فاجتمع الناس حتى غص المسجد باهله، فصعد المنبر، فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبى (ص)، ثم خطب خطبته الشهيره بخطبه الاشباح، فوصف الله تعالى بما هو اهله، فقال:
(الحمد لله الذى لا يفره المنع والجمود، ولا يكديه الاعطاء والجود...
الاول الذى لم يكن له قبل فيكون شيء قبله، والاخر الذى ليس له بعد فيكون شيء بعده، والرادع اناسى الابصار عن ان تناله او تدركه..).
ثم قال: (فانظر ايها السائل: فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به واستضى بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه، ولا في سنه النبى (ص) وائمه الهدى اثره، فكل علمه الى الله سبحانه).
فمن عرف هذا الكلام نجا وسلم، ومن ركب الاوهام والظنون تلقفته مضلات الفتن فاردته في مهاويها.
पृष्ठ 60