34

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

प्रकाशक

دار الفكر العربي

وسع كرسيه السموات والأرض، الخ .. فأجابهم بالرسالة الحموية، وفيها يخالف الأشاعرة في مناهجهم، فيتصدى له المخالفون بالمناقضة، ولكنهم لا يقوون على فصاحة لسانه، فيشكونه إلى القاضي الحنفي وهو أشعري أو ماتريدي، وهما فرقتان متلاقيتان، ولنترك الكلمة للحافظ ابن كثير تلميذ ابن تيمية يقص الواقعة في تاريخه في حوادث سنة ٦٩٨.

((قام عليه جماعة من الفقهاء وأرادوا إحضاره إلى مجلس القاضي جلال الدين الحنفي فلم يحضر، فنودي في البلد في العقيدة التي كان قد سأله أهل حماة المسماة بالحموية، وأرسل فطلب الذين قاموا عنده. فاختفى كثير، وضرب جماعة من نادوا على العقيدة، فسكت الباقون، فلما كان يوم الجمعة عمل الشيخ تقي الدين الميعاد بالجامع على عادته، وفسر قوله تعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم)) ثم اجتمع بالقاضي إمام الدين يوم السبت واجتمع عنده جماعة الفضلاء، وبحثوا في الحموية وناقشوه في أماكن فيها، فأجاب عنها بما أسكتهم بعد كلام كثير، ثم ذهب الشيخ تقي الدين، وقد تمهدت الأمور وسكنت الأحوال، وكان القاضي إمام الدين معتقده حسنا، ومقصده صالحا(١).

وإمام الدين الذي ارتضى تقي الدين أن يجيب على الأسئلة الموجهة إليه في حضرته هو قاضي الشافعية ولعله قبل المجاوبة في حضرته، لأنه لم ير فيه قصداً إلى العنت، وأنه غير متحيز في الحكم، وأنه ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ولم ير ذلك الرأي الحسن في جلال الدين قاضي الحنفية.

٣٨- انتهت هذه المحنة بسلام ولم يصب فيها بالأذى إلا بعض الأتباع، ولا نريد أن نخوض في موضوعها، لأن العقيدة الحموية هي ومثيلاتها ستكون موضوع دراستنا عندما نصل بعون الله سبحانه وتعالى إلى الكلام على آراء

(١) البداية والنهاية لابن كثير ص ٤ من الجزء الرابع عشر.

33