इब्न रूमी
ابن الرومي: حياته من شعره
शैलियों
وما يقال في الدين يقال في الأخلاق، فلا ريب في أن السياسة القائمة على السلب والغيلة، والآداب القائمة على اغتنام الفرص وانتهاب اللذات، والعقائد القائمة على ما رأيت من الشك والتشعب قلما تبقي للنفوس بقية صالحة من الأخلاق، ومسكة عاصمة من الغواية، ولكننا حريون أن نذكر أن نفوس الدهماء مطبوعة على العزاء، وأن أكبر العزاء لها في هذه الفترات أن تحسب الغواية والرذيلة من مساوئ الغنى والجاه، وتعتصم هي بالصبر والرجاء، وفي بنية الأمة أبدا مثلما في بنية الحي من العوامل المكافحة للفساد التي لا تني تصون الجسم زمنا، ولا تبرح تلهم وظائفه السداد وإن ضل العقل، وأنحى على الجسم بما ينهكه ويرديه، فتظل هذه العوامل ناشطة في بنية الأمة ولو تراءى للنظر من مشارفة بعض الطبقات أنها وفت في الاضمحلال؛ فلا يحسن بنا أن نبالغ في تضخيم شأن الفوضى التي ابتليت بها العقائد والأخلاق في تلك الفترة الشاذة المتناقضة، فهي ولا ريب كبيرة وبيلة، ولكنها ليست أكبر ولا أوبل مما قد يعتري أمما كثيرة، وتؤاتيها بعده أسباب السلامة. •••
ذلك عصر ابن الرومي بخيره وشره، وزيادته ونقصه، لقائل أن يقول في أطواره ما شاء أن يقول، وأن يختلف في أوصافه ما شاء أن يختلف، ولكن وصفا واحدا من تلك الأوصاف لا يجوز فيه أقل اختلاف؛ ذلك أنه كان في خيره وشره عصرا حيا يصنع التواريخ، وليس بالعصر الميت الذي يطويه التاريخ في ثناياه.
وقد وضعنا له حدودا من أرقام السنين لضرورة الحصر والتقريب، ولكننا لم نرد بتلك الأرقام إلا أن تكون معالم في طريق الزمن يهتدى بها إلى البدايات والنهايات، وليست هي البداية والنهاية، ولا هي محور الابتداء والانتهاء.
هوامش
الفصل الثاني
أخبار ابن الرومي
العصر والرجل
في تاريخ كل أمة عصر أو عصور اشتهرت بكثرة الذين ظهروا فيها من النوابغ والعبقريين في الشعر والأدب والعلم والفن والصناعة، فيقول الذين يرجعون الفضل كله إلى العصر وحده: إن أحوال العصر هي التي عليها المعول في تكوين المواهب والعبقريات.
وفي تاريخ كل أمة أيضا نوابغ وعبقريون ظهروا في مختلف العصور على تفاوت الأحوال بين عصر وعصر، وبيئة وبيئة، فيقول الذين يرجعون الفضل كله إلى ملكة الفرد واستعداده: إن العصر لا يغني شيئا في تكوين المواهب والعبقريات، أو إنه - إذا لم تسعف الموهبة والعبقرية - قليل الغناء.
ونحن يجب أن نحذر كل فكرة يراد بها أن تخدم فكرة أخرى، فهي تفقد استقلالها كله أو بعضه، كما يفقد استقلاله كل من يخدم سواه، إنما تحترم الفكرة إذا أريدت لنفسها ولم ترد لتأييد فكرة هي مضافة إليها.
अज्ञात पृष्ठ