इब्न रूमी
ابن الرومي: حياته من شعره
शैलियों
ثم قال ابن أبي طاهر: كان ابن العلجة فقيها يفتي الخلفاء في قتل الناس، نزحه الله، ثم ختم القصيدة بقوله:
والرأي كل الرأي في قتله
بالسيف واستصفاء أمواله
فالبحتري كان في غنى عن هذا ومندوحة واسعة، ولكنك قل أن تقرأ لابن الرومي هجاء تقول إنه كان من الوجهة النفسية في غنى عنه.
على أن لصاحبنا فنا واحدا من الهجاء لا ترتاب في أنه كان يختاره ويكثر منه، ولو لم تحمله الحاجة وتلجئه النقمة إليه، ونعني به فن التصوير الهزلي، والعبث بالأشكال المضحكة والمناظر الفكاهية والمشابهات الدقيقة، فهو مطبوع على هذا كما يطبع المصور على نقل ما يراه، وإعطاء التصوير حقه من الإتقان والاختراع، وما نراه كان يقلع عنه في شعره ولو بطلت ضروراته، وحسنت مع الناس علاقاته ... لكن هذا الفن أدخل في التصوير منه في الهجاء، وهو حسنة وليس بسيئة، وقدرة تطلب وليس بخلة تنبذ.
وأنت لا يغضبك أن ترى ابنك الذي تهذبه وتهديه ماهرا فيه خبيرا بمغامزه وخوافيه، وإن كان يغضبك أن تراه يشتم المشتوم، ويهين المهين، ويهجو من يستهدف عرضه للهجاء؛ لأنك إذا منعته أن يفطن إلى الصور الهزلية، وأن يفتن في إدراك معانيها وتمثيل مشابهاتها منعت ملكة فيه أن تنمو، وأبيت على حاسة صادقة فيه أن تصدقه وتفقه ما تقع عليه. أما إذا منعت الهجاء وبواعثه؛ فإنك تمنع خلفا يستغنى عنه، وميلا لا بد له من التقويم.
ذلك هو فن ابن الرومي الذي لا عذر له منه، ولا موجب للاعتذار، فأما ما عدا ذلك من هجائه فهو مسوق فيه لا سائق، ومدافع لا مهاجم، ومستثار عن عمد في بعض الأحيان لا مستثير، وإنك لتقرأ له قوله:
ما استب قط اثنان إلا غلبا
شرهما نفسا وأما وأبا
فلا تصدق أن قائله هو ابن الرومي هجاء اللغة العربية، وقاذف المهجوين بكل نقيصة، لكن الواقع هو هذا، والواقع كذلك أنه كان يسكن إلى رشده أحيانا فيسأم الهجاء ويعافه، ويود الخلاص منه حتى لو كان مهجوا معدوا عليه، ويعتزم التوبة عن الهجاء مقسما:
अज्ञात पृष्ठ