205

इब्न रूमी

ابن الرومي: حياته من شعره

शैलियों

ولعل قربه منهم وحسابه عليهم هو الذي أنذر نصيبه من جوائزهم وحفاوتهم؛ لأنهم كانوا يحسبون عليه حضور مجالسهم وموائدهم، وإسهامه أحيانا فيما يسهم فيه الجلساء والندمان من ألطافهم وهداياهم، ويوجبون عليه بذلك أن يظل لهم وحدهم شاعرهم، وأديب بيتهم، يطرفهم بالملح الأدبية، ويواليهم بالتهنئة في مناسبات التهنئة، والثناء في معارض الثناء، ثم لا ينتظر منهم الخلع والصلات على كل قصيدة، ولا في كل موسم كما ينتظر الشاعر الطارئ الذي يلقي قصيدته ويذهب لطيته، وهم فوق هذا يمنون عليه أن قبلوه في مجالسهم وأحضروه موائدهم، ويفرضون عليه وفاء العبد للسيد، والصنيعة لولي النعمة، ويظنون أنهم كفلوه بالعيش الرغيد والظل والظليل:

إذا امتاحهم أكلة عبد

وه تعبيد رب لمربوبه

يخالون أنهم بلغو

ه بالقوت أفضل مطلوبه

وأنهم حرسوا نفسه

به من غوائل مرهوبه

يزيل مضيفهم ضيفه

كملبوسه أو كمركوبه

والأغلب عندنا أنهم كانوا يقبلونه في مجالسهم، ويحضرونه موائدهم غراما بضروب الشذوذ والشهرة، وكلفا بالطرائف والملح كما هو دأب أصحاب المجالس في كل أمة، فكانوا يأنسون به في بعض حالاتهم، ويقربونه لغرابة أطواره ووفره محفوظه من الأشعار والنوادر والأمثال، وسرعة ارتجاله للتشبيه والمحاكاة، فكأنهم اصطنعوه للإغراب لا للمودة، وتخيروه للمظهر لا للثقة والكرامة؛ ولهذا كانوا يحضرونه مجالس الاحتشام، وينحونه عن خلوات الحفاوة والتبسط، وكان يعلم بهذا فتسوءه فوق مساءته بالحرمان، ويعجله الغيظ الذي لا يقوى على كظمه أن يسكت عن العتاب في مثل هذا الأمر، فيعتب كلما حجب كما قال في مرة من هذه المرات للقاسم:

अज्ञात पृष्ठ