94

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

प्रकाशक

دار الفكر العربي

प्रकाशक स्थान

القاهرة

١١٣ - وقد كان من نتائج تلك الفتن أن عزل المهدي وقتل، وعاد الأمر إلى هشام المؤيد، فقام المستعين يناوئه ولنترك الكلمة للمقري يقص قصصه الأليم:

(( وبعث المستعين إلى أهل أذفونش ليستدعيهم لمظاهرته، فبعث إليهم هشام المؤيد (أي الملقب بأمير المؤمنين) حاجبه واضح العامري يكفهم عن ذلك بأن ينزلوا لهم عن ثغور قشتالة التي كان المنصور افتتحها، فسكن عن مظاهرتهم عزم أذفونش، ولم يزل الأمر حتى دخل المستعين قرطبة ومن معه من البربر سنة ثلاث وأربعمائة وقتل هشام سراً، ولحق بيوتات قرطبة معرة في نسائهم وآبائهم، وضمن المستعين أن قد استحكم أمره (١).

لقد توزع الملك بعد ذلك البرابرة، فجعلوه قسمة بينهم، واستقل كل واحد منهم بإقليم، حتى ابذعر أمر هذه الأمة، وتفرقت أوزاعاً، فجاء من سبتة بنو حمود لجمعها، ولكنهم لم يصنعوا شيئاً، فقد حكموها من سنة ٤٠٧ تقريباً، ولكن كانوا هم منقسمين، وكان النزاع بينهم وبين الأمويين قائماً".

١١٤ - هذه فتن سقناها، وذكرنا رؤوسها، ومن قبلوا أن ينادى بأسمائهم فيها، ولا يهمنا الغالب والمغلوب، فالقاتل والمقتول في النار، وفي الحق أنهم جميعاً كانوا مغلوبين، والمنتصر خصم الإسلام، وقد ظفر في هذه الفتنة بشغور قشتالة التي فتحها المسلمون، ثم كان بعد ذلك ما كان؛

وإنما الذي يهمنا أمران:

(أحدهما) أن هذه الفتن العمياء كانت الخطوة الأولى التي استقوى فيها آخر الأمر النصارى في هذه الأرض الطيبة، وقد رأيت أنها كانت بعمل الكبار من المسلمين، وبذلك كانوا يخربون بيوتهم بأيديهم، فاستحقوا هم ومن عاونهم لعنة الله إلى يوم الدين، إذ تولوا كبر ذلك الأمر الذي كان خطيراً في الإسلام.

(١) الكتاب المذكور ص ٢٢.

94