87

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

प्रकाशक

دار الفكر العربي

प्रकाशक स्थान

القاهرة

فقال أبو محمد : هذه صورة حسنة ، فقال أبو عمر : لم نر إلا الوجه . . ، فقال ابن حزم ارتجالا :

وذى عذل فيمن سبانى حسنه يطيل ملامى فى الهوى ويقول
أمن أجل وجه لاح لم تر غيره ولم تدر كيف الجسم أنت عليل

فقلت له أسرفت فى اللوم فاتئد فعندى رد لو أشاء طويل

ألم تر أنى ظاهرى وأنى على ما أرى حتى يقوم دليل(١)

وإنك لترى فى هذه الأبيات جمال المداعبة بين هذين الصديقين العاميين المؤتلفين . فلم يكن ابن حزم على خلاف مع كل العلماء ، ولم يكن على عداوة مع الكثيرين منهم، ولكن الذين جمدوا عن مجاراة تفكيره هم الذين عادوه ، فكانت تلك الصحبة العلمية ثمرة من ثمرات الانصراف العلمى ، ولم يعرف عنه رضى الله عنه أن له صديقاً من بين الحكام ، بل المعروف أنه كان له أصدقاء من العلماء ، وإن كان له أعداء أكثر ، وإن وجود الأصدقاء والأعداء معاً دليل على الانصراف الكلى للعلم ، إذ كان وصفه الذى به يعرف والوصف الذى بسببه كان الأعداء والأولياء معاً .

١٠٤ - ولقد كان انصرافه للعلم والأدب وما يتصل بهما سبباً فى أن كانت بينه وبين الأدباء مساجلات أدبية يرد بها على من هجوه ، ویواد بها من يوالونه ، وهو فى الحالين يسجل منزلته الأدبية ، كما سجلت كتبه منزلته العلمية ، ومن ذلك ما كان بينه وبين أبى المغيرة عبد الوهاب بن حزم وهو ابن عمه ، وقد كانت بينهما ملاحاة ، فقد كتب إليه رسالة طويلة جاء فيها وصف كتاب من كتب ابن حزم :

((كتاب مبنى على الظلم العبقرى، والبهتان الجلى، ومكابرة العيان، ومدافعة البرهان ، وقد طمس اللّه أنواره وأظهر عواره ، فصار كالفلاة العوراء ، لا ماء ولا شجر، والليلة الظلماء ، لا نجم ولا قمر)).

(١) نفح الطيب ج ٦ ص ٢١٦، ٢١٨ طبع فريد الرفاعى.

87