Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
प्रकाशक
دار الفكر العربي
प्रकाशक स्थान
القاهرة
لمجتهد لله عز وجل ثم يقرر أن طلب العلم لا يقصد به الاستعلاء بل الاجتهاد لله، وطلب الآخرة الباقية لا الدنيا الفانية هو غاية الغايات للإنسانية العالية، فيقول: "ليس في العالم منذ كان إلى أن يتناهى أحد يستحسن الهم ولا يريد إلا طرحه عن نفسه. فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع، وانكشف لي ذلك السر العجيب، وأنار الله لفكري هذا الكنز العظيم، بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو المطلوب النفيس... فلم أجدها إلا في التوجه إلى الله عز وجل بالعمل للآخرة" (١).
عندما وصل ابن حزم إلى هذه الحقيقة انصرف إلى العلم الإسلامي بكليته فصبر على طلبه، وصبر على نشره وصبر على أذى الناس في الجهر بالحقيقة التي طلب بها ما عند الله سبحانه وتعالى.
وإذا كان ابن حزم قد انصرف إلى الله ليبعد همومه وأحزانه ولم يجد سبيلاً لترك الهم والحزن خيراً من ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى قد وهبه الإخلاص كله، واتجه إلى طلب الحقيقة اتجاهاً مستقيماً لا عوج فيه ولا التواء، ليس له وراء طلبها مأرب، ولا بعدها غاية أو مطلب إلا رضاء الله سبحانه. وفي الحكمة المشرقية أن الاتجاه المستقيم إلى طلب الحق ينير البصيرة فيلقي الله سبحانه وتعالى نوراً في قلبه، وبهذا النور يصل إلى الحقائق فتكون ملء فكره وتوجه قوله وعمله وفكره. فلا يعمل إلا خيراً ولا يفكر إلا في خير وبذلك يكون العالم صادق النظر، لأنه أوتي صدق الطلب.
٨٠ - وإن ابن حزم فوق الإخلاص في طلب الحقيقة قد كان يعلم أنه يطلب علم الدين. ومن طلب علم الدين كان الإخلاص له ألزم. والاتجاه إلى الله في طلبه أعظم، وكذلك كان شأنه، كان اجتهاده في طلب الحقيقة وكان اجتهاده في طلب علم الدين؛ فلقد دفعه إخلاصه لدين الله وطلبه من منبعه الأول إلى أن يدعو الناس إلى ما يعتقد. لا يهمه في ذلك إرضاء أحد. لا يطلب إلا رضا الله تعالى ولذلك لم ينل من نفسه أذى الأمراء، ولا تشنيع
(١) الرسالة المذكورة ص ١٠٢٠
68