33

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

प्रकाशक

دار الفكر العربي

प्रकाशक स्थान

القاهرة

٣٥ - ولسنا نستطيع أن نقول أنه لم ينصرف إلى العلم إلا بعد أن تولى الوزارة. فإنه كان قبل أن يتولى الوزارة يعيش عيشة لا بد أنه ينصرف فيها إلى العلم، إذ لم يتول الوزارة أو أعمال السياسة قبل سنة ٤٠٨. فهل كان يقضى هذه الحياة لاهياً لاعباً عابثاً؟ إنه لم يعرف بذلك، بل إنه الجد كله، وإن كانت كتابته في الحب تدل على نفس ألوف عطوف، تميل نحو الحب والمحبين في عفة ظاهرة، واستقامة نفس، حتى لقد كان اشتهاره بالجد مسوغاً لأن ينكر الناس في العصور الأخيرة نسبة القول في الحب والمحبين إليه.

طلب ابن حزم العلم قبل السياسة، وانصرف إليه انصرافاً كاملاً، وإن كانت حياته إبان ذلك غير قارة ولا ثابتة فهو ينتقل من قرطبة للتخريب الذي أصابها إلى المرية، ثم يقبض عليه ويسجن، ثم ينتقل إلى بلنسية، ثم إلى القيروان، وهكذا يعيش في ترحال غير مستقر، لا يقضى وقته في بلد إلا في الدرس، والاطلاع والبحث والتنقيب.

ومهما يكن من الأمر فإنه لم ينصرف انصرافاً كلياً إلى الفقه في صدر حياته العلمية، بل كان يدرس الحديث والأدب والأخبار، وبعض العلوم العقلية، والفلسفية؛ ومع ذلك كان يناظر ويجادل، ولقد قال الذهبي في كتابه (تذكرة الحفاظ) عن بعض معاصريه: «بينما نحن ببلاسية، ندرس المذهب (أي مذهب مالك) إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب، ثم سأل الحاضرين عن شيء من الفقه أجيب عنه فاعترض فيه. فقال له بعض الحاضرين: هذا ليس من منتحلاتك، فقام وقعد، ودخل منزله، فعكف ووكف منه وابل، فما كف وما كان بعد أشهر حتى قصدنا ذلك الموضع فناظر أحسن مناظرة قال فيها: أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب».

٣٦ - نستطيع بمقتضى هذا الخبر، وسياق حياته أن نقول إن ابن حزم كان عاكفاً على العلم منذ نعومة أظفاره، وأنه كان يدرس العلوم الإسلامية عامة، وأخصها الحديث والأخبار، وأنه كان لم ينصرف إلى الفقه

(م٣ - ابن حزم )

33