تلك شهادة من أهلها، شهادة عالم عالمي، بدأ حياته مستشرقا يفكر بتفكير رجال الاستشراق، وينظر بنظرتهم إلى الإسلام والمعارف الإسلامية، حتى أنقذه الله فهداه إلى الإسلام وكلمة الحق.
كلمة يشهد لها الواقع، تشهد لها تلك الكتب المتلاحقة المتتابعة التي يقذف بها رجال الاستشراق في وجه العالم الإسلامي ومحورها الإسلام والمعارف الإسلامية، ظاهرها البحث العلمي الحديث الذي يقوم على الاستقراء والاستنتاج، وباطنها تجريح الإسلام والنيل منه.
فرجال الاستشراق كما يقول «ليوبولد» تحدوهم دائما روح صليبية يمثلون مع الإسلام - والإسلام وحده - دور المدعي العمومي الذي يحاول دائما إثبات الجريمة!
دور محاكم التفتيش، التي تبدأ المحاكمة باستنتاجات متفق عليها من قبل، وبشهود مدربين مأجورين، وحتى إذا أخطأ الشاهد، فنطق بكلمة حق؛ فلا بد من تأويل تلك الكلمة لتجنح إلى الهدف المرسوم المحدد.
ورجال الاستشراق، خصوم للإسلام بصفة عامة، وللتصوف الإسلامي بصفة خاصة.
لأنهم علموا عن معرفة: أن التصوف هو قلب الإسلام الحي، وفلسفته المؤمنة المبصرة، هو المصباح الذي يضيء للقلوب المحمدية الطريق إلى خالقها؛ فقالوا كما قال المشركون من قبل:
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون .
عبث رجال الاستشراق بمحاريب التصوف عبثا علميا خبيثا متعمدا، فتنادوا أول ما تنادوا - باسم الاستنتاج العلمي الحر - بأن التصوف ليس من الإسلام؛ لأن الإسلام لا يعرف الروحانية، كما لا يعرف المثالية والترفع عن ماديات الحياة؛ وإنما هو وليد يمت بنسب صريح إلى البوذية الهندية، وبنسب صريح أيضا إلى الفلسفة الإشراقية اليونانية، وبنسب صريح للمرة الثالثة إلى الروحانية المسيحية، وإلى شخصية المسيح بالذات.
واستدلوا على دعواهم بأدلة أقرب إلى العبث والفكاهة، منها إلى مناهج العلماء، ورجال الفكر؛ وما قيمة الدليل إذا كان المدعي العمومي، قد أضمر الحكم سلفا؟
فالمستشرق اليهودي «جولد تسهير» مثلا، يبرهن في كتابه «العقيدة والشريعة في الإسلام»
अज्ञात पृष्ठ