قالت سارة بصوت مرتعش (وقد بدا لجولييت في هذه اللحظة أنه يبعث على كثير من الشفقة والتعاطف): «إن ما أومن به ليس شيئا بسيطا يمكن شرحه، ولا أستطيع وصفه، لكن كل ما يمكن قوله إنه شيء ما؛ شيء رائع. عندما تبدو الأمور سيئة بالنسبة لي، وعندما تزداد سوءا، أتدرين ما يدور بخلدي حينها؟ أعتقد أن كل شيء سيكون على ما يرام. أعتقد ... حسنا أعتقد أنني سأرى جولييت قريبا.»
عزيزي إيريك
من أين أبدأ؟ إنني بخير وكذلك بينيلوبي. إجمالا؛ فهي تسير الآن بكل ثقة حول فراش سارة، ولكنها لا تزال حذرة عندما تحاول الاعتماد على نفسها والوقوف دون مساعدة. طقس الصيف هنا في غاية الروعة مقارنة بالساحل الغربي، حتى عند سقوط الأمطار. وأمر جيد أن تسقط الأمطار؛ لأن سام يركز جل اهتمامه الآن على مشروع تجاري لتسويق منتجات الحديقة، وقد صاحبته منذ بضعة أيام في الشاحنة القديمة لتوصيل بعض طلبات التوت البري ومربى التوت (التي تصنعها شخصية تشبه إلسي كوخ (مجرمة نازية) وهي تحتل مطبخنا الآن)، وبعض من محصول البطاطس الجديد لهذا الموسم. ويغلب على سام الحماس الشديد. أما عن سارة، فهي تمضي أغلب الوقت في فراشها إما نائمة أو تطالع بعض مجلات الموضة القديمة. ولقد أتى أحد القساوسة لزيارتها، ودخلت أنا وهو في شجار أحمق بشأن وجود الله، وبعض الموضوعات الساخنة التي تدور في هذا الإطار. ومع هذا فالزيارة تسير على ما يرام ...
عثرت جولييت على هذا الخطاب بعد مرور سنوات. لا بد وأن إيريك احتفظ به مصادفة؛ فهو لا يمثل أي أهمية في حياتهما. •••
عادت إلى المنزل الذي شهد طفولتها مرة أخرى؛ وذلك لحضور جنازة سارة، بعد بضعة أشهر من كتابة هذا الخطاب. ولم تجد آيرين بالمنزل، ولم تتذكر جولييت إن كانت قد سألت عن مكانها أو أن أحدهم أخبرها به. من المرجح أنها تزوجت، تماما كما فعل سام، بعد مرور عامين؛ فقد تزوج من إحدى زميلاته في التدريس، وكانت امرأة لطيفة، حسنة المظهر، ذات مهارات كثيرة. وعاشا بمنزلها، وهدم سام المنزل الذي عاش فيه هو وسارة، وقام بتوسيع الحديقة. وعندما تقاعدت زوجته، اشترى عربة مقطورة كبيرة، وكانا يذهبان في رحلات طويلة في فصل الشتاء. وزارا جولييت مرتين في ويل باي، وقد اصطحبهما إيريك في نزهة بمركبه، وسارت الأمور بينه وبين سام على ما يرام؛ كما قال سام: إن كل شيء سار على نحو جيد بينهما سريعا.
جفلت جولييت عندما قرأت الخطاب كما يفعل أي شخص عندما يكتشف تلك الأصوات الخفية الباعثة على القلق التي تتولد من ذاته القديمة الزائفة، وتعجبت من التستر الشديد الذي يناقض تماما آلام ذكرياتها، ثم اعتقدت أنه لا بد وأن حدث تحول ما، في ذلك الوقت، وهو تحول لم تتذكره؛ تحول يتعلق بمكان وطنها، ليس وطنها في ويل باي حيث تعيش مع إيريك، ولكن هناك حيث كانت تعيش في الماضي؛ كل حياتها السابقة بأكملها.
لأن ما يحدث في وطنك هو ما تحاول حمايته، بكل ما أوتيت من جهد، ولأطول فترة ممكنة.
لكنها لم تقم بحماية سارة؛ فعندما قالت سارة: «حسنا، أعتقد أنني سأرى جولييت قريبا.» لم تعثر جولييت على إجابة مناسبة. ألم يكن من الممكن البحث على كلام مناسب؟ لم بدا الأمر صعبا؟ أن تقول فقط نعم. كان سيعني هذا الكثير بالنسبة لسارة، لكنه بالطبع لن يعني لها شيئا كبيرا. لكنها استدارت، وهي تحمل الصينية إلى المطبخ، وهناك راحت تغسل وتجفف الأقداح والكوب الذي كان يحتوي على المياه الغازية بنكهة العنب، ووضعت كل شيء في مكانه.
الصمت
أثناء الرحلة البحرية القصيرة بين خليج باكلي وجزيرة دينمان، نزلت جولييت من سيارتها ووقفت بمقدمة القارب، بينما يداعبها نسيم الصيف. تعرفت عليها امرأة تقف هناك، وشرعتا في التحدث؛ فقد اعتادت أن يحملق بها الناس قليلا ويتساءلون أين رأوها، قبل أن يتذكروا، في بعض الأحيان؛ فهي تظهر دوما على قناة بروفينشال تليفيجن؛ حيث تعقد مقابلات مع هؤلاء الذين حققوا إنجازات رائعة ومميزة في حياتهم، وتدير ببراعة نقاشات جماعية في برنامج يسمى قضايا العصر. كان شعرها قصيرا الآن، أقصر ما يمكن أن يكون، واصطبغ بلون بني مائل إلى الحمرة، يلائم لون إطار نظارتها. وهي عادة ما ترتدي سراويل سوداء - مثلما تفعل اليوم - وقميصا حريريا عاجيا، وفي بعض الأحيان سترة سوداء؛ فهي تطابق التشبيه الذي كانت والدتها تستخدمه: امرأة خاطفة للأبصار. «أستميحك عذرا. لا بد أن الناس يزعجونك دائما.»
अज्ञात पृष्ठ