قال رجل يقف خلف جولييت لإحدى السيدات التي لم تنهض لتشاهد: «لا يمكن رؤية أي شيء، لقد غطوا جسده بالكامل.»
لم يكن كل الرجال الذين عادوا مطأطئي رءوسهم من موظفي السكك الحديدية؛ إذ تعرفت جولييت من بينهم على الرجل الذي كان يجلس بجوارها في عربة المشاهدة.
وبعد مرور عشر أو خمس عشرة دقيقة تحرك القطار، ولم يكن هناك أي آثار للدماء يمكن رؤيتها على جانبي القطار حول المنعطف، ولكن كانت هناك منطقة عليها آثار وطء أقدام تجمعت على جانبها كومة من الثلوج. ونهض الرجل الذي يجلس خلفها مرة أخرى وقال : «أعتقد أن الحادثة وقعت هنا.» وأخذ يتطلع برهة ليرى إن كان هناك شيء آخر، ثم التف وجلس مكانه مرة أخرى.
وبدلا من أن يسرع القطار لكي يعوض الوقت الذي ضاع، سار بمعدل أبطأ عن ذي قبل. ربما كان ذلك نابعا من الاحترام، أو من تخوف مما قد يقابلهم في المنعطف التالي. ومر رئيس الندل بعربات القطار لكي يعلن عن أول موعد لتناول طعام الغداء، وعلى الفور نهضت الأم وطفلها وتبعاه، وبدأ الناس يصطفون، وسمعت جولييت إحدى السيدات تقول وهي تمر بجانبها: «أحقا؟»
وأجابتها السيدة الأخرى التي تتحدث معها بهدوء قائلة: «هذا ما قالته. كان ملطخا بالدماء؛ فلا بد وأنه قد تناثر عندما مر فوقه القطار.» «لا تقولي ذلك.» •••
بعد فترة وجيزة، وعندما انتهى اصطفاف الجموع المبكرة، وجلسوا لتناول الطعام، دلف رجل إلى العربة؛ وهو ذلك الرجل الذي كان يجلس في عربة المشاهدة ورأته وهو يسير خارج القطار وسط الثلوج.
نهضت جولييت من مكانها وتبعته على الفور. وأثناء وجوده في المساحة المظلمة الباردة التي تقع بين العربات حيث كان يدفع الباب الثقيل الذي أمامه بصعوبة، قالت: «من فضلك، أود أن أطرح عليك سؤالا.»
وامتلأ المكان فجأة بضوضاء شديدة؛ فقد كانت قعقعة عجلات القطار الثقيلة. «ما الخطب؟» «هل أنت طبيب؟ هل رأيت ذاك الرجل الذي ...» «أنا لست بطبيب، ولا يوجد طبيب في القطار، كل ما في الأمر أنني لدي بعض الخبرات الطبية.» «كم كان عمره؟»
نظر إليها الرجل وقد حاول أن يواصل صبره وعلى وجهه بعض علامات الاستياء. «من الصعب أن أعرف، لكنه لم يكن صغير السن.» «هل كان يرتدي قميصا أزرق؟ هل كان شعره بنيا أشقر؟»
هز رأسه رافضا الإجابة واستنكر السؤال برمته.
अज्ञात पृष्ठ