108

في هذه القصة أنجبت ملكة إثيوبيا طفلة بيضاء، وخشيت أن تتهم بالزنا؛ لذا وهبتها ليرعاها طائفة الفلاسفة العراه الذين كانوا نساكا وصوفيين. أخذت الفتاة التي كانت تدعى خاريكليا في النهاية إلى دلفي؛ حيث أصبحت واحدة من كاهنات أرتيمس. وهناك قابلت نبيلا من ثيساليا يدعى تياجنيس، والذي وقع في حبها، وبمساعدة رجل مصري ذكي تمكن من اختطافها. واتضح أن الملكة الإثيوبية لم تنس قط ابنتها، وكانت قد استعانت بهذا المصري كي يبحث عنها. وتواصلت الأحداث المأساوية والمغامرات حتى التقت كل الشخصيات الرئيسية في مروي (المدينة القديمة على الضفة الشرقية من نهر النيل)، وتنقذ خاريكليا - مرة ثانية - عندما كان أبوها على وشك التضحية بها.

كانت القصة حافلة بالأفكار المثيرة، وقد أبهرت جولييت حقا على نحو مستمر؛ وخاصة هذا الجزء الخاص بطائفة الفلاسفة العراة. حاولت أن تعرف أكبر قدر من المعلومات عن هؤلاء الأشخاص، الذين عرفوا باسم فلاسفة الهندوس. هل ساد اعتقاد وقتها بأن الهند قريبة من إثيوبيا؟ لا، لقد أتى هليودورس متأخرا كفاية ليعلم جغرافية عصره أفضل من هذا؛ فكان الفلاسفة العراة يهيمون على وجوههم في كل مكان، وينتشرون في مناطق بعيدة، جاذبين ومنفرين هؤلاء الذين كانوا يعيشون بينهم بتفانيهم الشديد لطهارة الحياة والفكر، وازدرائهم للمقتنيات، بل وحتى الملابس والطعام. ونشأة فتاة جميلة بينهم قد يخلف اشتياقا لاأخلاقيا إلى حياة الفجور الماجنة.

تعرفت جولييت على صديق جديد يدعى لاري. كان يدرس اليونانية، وسمح لجولييت بتخزين صناديقها في قبو منزله. كان يحب أن يتخيل كيف يمكن تحويل رواية إثيوبيكا إلى مسرحية غنائية، شاركته جولييت خياله هذا، لدرجة أنها ألفت الأغاني السخيفة للمسرحية ومؤثرات المسرح التي تبدو مستحيلة، ولكنها كانت تنزع سرا لوضع نهاية مختلفة، نهاية تنطوي على نكران للذات، وتنقيب في الماضي؛ حيث تحرص الفتاة على مقابلة بعض المحتالين والمشعوذين والدجالين ومحاكاة رثة لما كانت تبحث عنه حقا. إنها النهاية التي تنطوي على تصالح، في النهاية، مع ملكة إثيوبيا الآثمة والنادمة ذات القلب الكبير. •••

كانت جولييت شبه واثقة أنها رأت الأم شيبتون هنا في فانكوفر. كانت قد أخذت بعض الملابس التي لن ترتديها ثانية أبدا (فأصبحت خزانة ملابسها مليئة فقط بالملابس العملية) إلى متجر جماعة جيش الخلاص المسيحية، وبينما كانت تضع الحقيبة في غرفة الاستقبال، رأت امرأة بدينة عجوزا ترتدي ثوبا فضفاضا. كانت السيدة تتحدث مع العاملين الآخرين في المتجر. بدت وكأنها مشرفة عليهم؛ إذ كانت مرحة ولكنها متيقظة - أو ربما كانت تنتحل هذا الدور سواء أكانت تتقلده رسميا أم لا.

فإن كانت الأم شيبتون في الحقيقة فعلا، فقد ساءت أحوالها في الحياة، ولكن ليس كثيرا؛ فإن كانت هي، ألن يكون لديها مخزون كاف من الرضا عن الذات ومما ينقذها لتجعل مثل هذا الانحدار مستحيلا؟

ومخزون من النصائح، النصائح الخبيثة، أيضا.

تذكرت قولها: «ولكنها أتت إلى هنا وهي تشعر بنهم بالغ.» •••

أخبرت جولييت لاري عن بينيلوبي؛ فكان لا بد أن يكون هناك من يعرف عن الأمر في حياتها. قالت: «أكان ينبغي لي التحدث معها عن الحياة النبيلة؟ التضحية؟ تكريس حياتك لاحتياجات الآخرين؟ لم يسبق لي التفكير في هذا. لا بد وأنني تصرفت كما لو أنه كان ينبغي لها أن تصبح مثلي. هل أثار هذا سقمها؟» •••

كان لاري رجلا لا يرغب في أي شيء من جولييت سوى صداقتها وحسها المرح. كان ما اعتاد الناس أن يسموه العازب عتيق الطراز، لاجنسيا بقدر معرفتها (ولكنها على الأرجح لا يمكنها التأكد من هذا)، شديد الحساسية تجاه البوح بالأسرار الشخصية، ومسليا إلى أقصى حد.

ظهر في حياتها رجلان آخران كانا يريدانها رفيقة. قابلت أحدهما بينما كانت تجلس على طاولة المقهى التي اعتادت الجلوس عليها. كانت زوجته قد توفيت مؤخرا. راق لها، ولكن وحدته كانت فجة، وكان يطاردها في يأس حتى إنها انزعجت منه.

अज्ञात पृष्ठ