وبينما المسلمون يسحبون قتلى المشركين إلى القليب، وقف «أبو حذيفة بن عتبة» يتطلع إلى أبيه وهم يجرجرونه، وهو من سبق واحتج قبل الوقعة على أمر النبي بعدم قتل بني هاشم، حيث قال:
أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس؟ والله لئن لقيته لألحمنه السيف. فبلغت مقالته رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص، أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف؟ فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فأضرب عنقه، فوالله لقد نافق. فكان أبو حذيفة يقول: والله ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت.
28
ويروي بن هشام مستكملا المشهد:
وأخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب، فنظر رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في وجه أبي حذيفة بن عتبة، فإذا هو كئيب قد تغير، فقال: يا أبا حذيفة، لعلك قد دخلك في شأن أبيك شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، ما شككت في أبي ولا في مصرعه، ولكنني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام.
29
وهكذا جاءت قريش إلى بدر لتنشر هيبتها، فنثرتها، وجاء الملأ ليعلنوا للعرب أنهم حماة بيت الله، وأنهم قادرون على حماية تجارتهم وأمنها، برعاية رب البيت، لأنهم كما أسماهم العرب «أهل الله»، فما عاد الملأ إلى مكة، وذهبوا تحت رمال القليب. وبدلا من رسالة أرادوها مبلغة للإمبراطوريتين، بلغت رسالة أخرى تبرق بخبر آخر، عبرت عنه أشعار تنسبها كتبنا التراثية إلى الجن، وهي تقول:
أزار الحنيفيون بدرا وقيعة
अज्ञात पृष्ठ