وعليه؛ فقد ظهرت الفردية ومسئوليتها بالفعل، ولكن كفكرة، في مجال القوة، وكممكن قادم في عالم الفعل، لكن في تطور قادم، وهو ما يظهر المرحلة الآنية كجزء من الحركة الانتقالية، وكدرجة أعلى تم ارتقاؤها داخل المرحلة الانتقالية ذاتها، تتلاءم ومعطيات مجمل ظروف الواقع آنذاك، وهو الأمر الذي سيتيح للنبي التحرك داخل ذلك التوازن بين النقائض دون مشاكل. فجاءت التنظيرة لا تصادم الواقع ولا تفرض عليه ما لم يتهيأ له تماما بعد؛ مما سيمكن مؤسسة الدولة من استخدام الأممية دوما، والعشائرية أحيانا، في موضعها المناسب من الظروف المتغيرة، لتحقيق أهداف أكثر نفعا، حين الحاجة إلى أي منهما وحسب الطارئ وظروفه، وما يستدعيه من حاجة إلى أي من الطرفين النقيضين.
وتأسيسا على كل ذلك، فإن غزوة بدر، قد أفضت إلى نتائج هائلة على المستوى النظري والعملي، وحددت مواقف كثيرة، كان الإفصاح عنها مؤجلا حتى يأتي الله بأمره. وكان أهم ما حققته هو وضعها بداية النهاية لنظام قريش السياسي، في حكومة الملأ شبه الجمهورية البدائية، بالقضاء على سادتها المترفين من الملأ والسادة، المنافس الحقيقي لفكرة الدولة الواحدة، وهو ما سيتم تثبيته بعد زمن، بالاعتماد على ذلك التوازن بين النقائض، في مملكة وراثية كبرى، ستمسك بأعنتها قبيلة قريش، قبيلة النبي، والأرستقراطيون فيها تحديدا من البيت الأموي، وهي العودة التي ما كانت لتتم لولا العودة إلى الرحم وصلات العشيرة، التي صبت الأمر بيد الطبقة التي سيتطور شأنها ويتم دعمها بالتدريج خلال حياة الرسول نفسه، وهو ما أدى إلى وضع الشروط السياسية للسلطة المتوازنة للدولة التي انتهت لمركزية متوارثة صارمة .
وبسبيل حدوث ذلك، ستبدأ الدولة تفصح تدريجيا عن وجهها الطبقي دون مواربة، ليهدأ تنديد الآيات بالثروة وأصحابها، مع خفوت متساوق في حديثها عن المستضعفين في الأرض، ولكن ليظل التوازن بين النقيضين وعدم حسمه وسيلة بيد المستضعفين، عندما يرتدي الصراع الطبقي زيه العشائري، في صراع علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وفي عدد آخر من ثورات المستضعفين ضد الدولة، والذي ارتدى عادة زيه الفاطمي والهاشمي والعباسي، العشائري أيضا.
الباب الثاني
أحد
ثأر قريش
السياسة بعد بدر الكبرى
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين . (آل عمران: 85)
عن ابن إسحاق راوي السيرة النبوية أنه قال:
ولما قدم رسول الله
अज्ञात पृष्ठ