मानवीय स्वतंत्रता और विज्ञान: एक दार्शनिक समस्या
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
शैलियों
(1463-1494)، ويكشف إنتاج بيكو الغزير عن معرفة شاملة، وهو شاعر له قصائد باللغتين اللاتينية والإيطالية فضلا عن إتقانه اللغات العربية واليونانية، وأيضا العبرية التي تعلم بها النزعة القبلانية، أي الإيمان بأن الكتاب المقدس محض رموز خرساء من الضروري تأويله تأويلا صوفيا ملغزا، أخلص بيكو ديللا ميراندولا للنزعة القبلانية، وأخرج جهودا كبيرة فيها، وهو ينتمي أيضا لأصحاب الأفلاطونية المحدثة التي سادت في بيئته لتجمع بين فيثاغورث وأفلاطون وأفلوطين، مروجة لاتجاهات روحانية سرية، وفي الآن نفسه تدعو للعلم الطبيعي، ومع هذا دافع بيكو بحماس عن المدرسيين وتراث العصور الوسطى؛ ذلك أن جوهر شخصيته الفلسفية هو النزعة التوفيقية التي جعلته متحررا من أية مدرسة معينة ويعتبر نفسه فوق الجميع، يأخذ من كل اتجاه ما يختار، لإيمانه بأن أي مذهب فلسفي أو ديني على وجه الإطلاق يحوي جانبا من الصواب، وبالتالي يشارك فيما آمن به بيكو من حقيقة كونية، ولعل محاولته للتوفيق بين المسيحية وسائر الأديان، هي السبب في إهدار دمه على الرغم من إيمانه العميق بالمسيح.
وكان بيكو إنساني النزعة، لدرجة فاق بها كل أقرانه، فهم دأبوا على تصور هيراركي (أي هرمي) للكون، عادة ما يتم عبر ثلاث درجات: الملائكية ثم السماوية ثم العنصرية، أما بيكو فقد اعتبر الإنسان بذاته عالما رابعا،
24
وكتابه الأساسي «الخطاب
Oration » القطاع الأعظم منه موسوم باسم «خطاب في كرامة الإنسان
Dignity of Man »، تمثلت كرامة الإنسان عند بيكو في كل ما يصدر عنه من خلق وإبداع، بفعل إرادة حرة نابعة من الفرد ذاته،
25
وهذا جعل بيكو مؤرقا بقضية الحرية، ولكن أرقه هذا جاء عبر ليالي القرن الخامس عشر، أي حينما كانت الحتمية العلمية تبدأ أولى خطواتها نحو موقع الهجوم الساحق الماحق على حرية الإنسان، إنها الخطوة الفلكية الخارجة من أعطاف التنجيم، من هنا جاء هجوم بيكو الضاري على التنجيم، الذي يستخلص قدر الإنسان من النجوم، ويجعله بذلك مشدودا إلى حتمية لا فكاك منها، وكان هذا الهجوم إنقاذا للحرية من براثن العلم الناشئ حديثا، وهو إنقاذ لم يزد عليه أحد حتى يومنا هذا مثقال ذرة، فكيف فعل بيكو هذا؟
لقد بدأت نظرية بيكو من أنه في محاولته المستميتة للتوفيق بين الحكيمين أفلاطون وأرسطو، قد تجاوز كليهما بالتفرقة بين الوجود في ذاته
Being Itself
अज्ञात पृष्ठ