मानवीय स्वतंत्रता और विज्ञान: एक दार्शनिक समस्या
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
शैलियों
Ethology ، وبالطبع يكون هو الآخر حتميا كسائر العلوم، فيدرس السلوك الإنساني ليصل إلى القوانين الحتمية التي تحكم ظاهرة الأخلاق؛ وذلك لكي تحيط الدراسة العلمية بكل ظواهر الاجتماع الإنساني.
فيوضح ألبير باييه، أنه في عصور الجهالة المتخلفة كان أسلافنا يرون أن الرجل الذي يقترف الإثم حر في ألا يقترفه، فجاءت الأخلاق التي ترفع من قدر الصالحين وتندد بالطالحين، أما في عصور العلم فإن الجريمة نفسها واقعة محتومة، فإذا مقتنا الجريمة لم نعد نستطيع أن نمقت المجرم، ويمضي باييه في توضيح كيف أن كل من يقترف خطأ أو يرتكب جريمة، إنما فعل هذا كنتيجة، أو كمعلول حتمي للعلل السابقة التي لا دخل له فيها، كبيئته أو ظروف نشأته؛ «لأن عبء الماضي أناخ بكلكله عليه، إن خطأنا إنما ورثناه عن ماض فرض علينا كما يفرض علينا الأمر الواقع، فلا ننظرن إلى المخطئ نظرتنا إلى مجرم يستحق المقت والاحتقار، بل إلى مريض يستحق العلاج والرحمة».
58
وليس يصعب تبين كيف يرتبط هذا مع ما ذكرناه في المقدمة من النزوع السيكولوجي إلى الحتمية؛ لأنها تريح النفس وتهدهدها، فما أجمل أن يتحلل الإنسان من مسئولية ما فعل، ملقيا الملام على الوراثة والبيئة والقضاء، فلا يستحق عقابا أو جزاء، بل قد يلقى رحمة باييه وتعاطفه؛ لأنه غير محظوظ كما قال هوسبرز، وكما أن التفسير والتبرير بواسطة الحتمية أيسر وأسلس السبل أمام العقل النظري، فإنه أيضا أوضح وأيسر أمام الفعل العملي، أوضح الأمثلة على هذا ما فعله الأمويون، حين رجعوا لعقيدة الجبر؛ لكي يبرروا حكمهم الجائر القائم على الدم الطاهر المراق، دماء آل البيت، مع الحتمية، نلقى أنفسنا في عالم لا يملك رادعا يردع المجرم عن ارتكاب جريمة «يمكنه» ألا يرتكبها، إنها كارثة العلم بحق.
لذلك، فبعد أن يجاهر ألبير باييه هكذا علانية بالمعضل، لا بد بالطبع وأن يدافع عنه في مواجهة الاعتراض بأن هذه النظرة المتسامحة قد يكون من شأنها أن تقلل السخط على الجريمة وأن تشجع أهل الشر على الغواية، يقول باييه عن هذا: «إن الافتراض ضعيف فهل قل فزعنا من وباء الطاعون منذ أن عدلنا عن رأينا في أن المصاب به آثم حل به عقاب الآلهة؟»
59
إنه إذا انتصرت الحتمية الاجتماعية، وهذا ما يحق لنا أن نرجوه، فإن المجتمعات ستظل تنكر الجريمة والكذب والسرقة، وستمضي في مكافحة تلك الرزايا لكنها لن توقع العقاب على الجاني، بل ستداويه بعد أن تكون قد حالت بينه وبين الإضرار بالناس، ولن تشدد النكير على الجريمة، بل ستهتم بتبيين عللها ووجوه القضاء عليها، وما هو الدواء الناجح،
60
ولا يكتفي باييه بالدفاع بواسطة تكنولوجيا العلم الاجتماعي - إن صح التعبير - بل يتوسل بأئمة الحتمية عبر التاريخ، قائلا: إن أخلاق التساهل القائمة على الحتمية لها أسلاف نابهون يجب إسكاتهم قبل التعرض لنا، فهل كان «أفلاطون» مقوضا للأخلاق حين قال: «لا أحد يقترف الإثم عامدا متعمدا.» وهل كان «سينكا» هادما للأخلاق حين قرر أنه لا ينبغي علينا أن نمقت الشرير، بل أن نرثي لحاله؟ وهل كان الإنجيل مقوضا للأخلاق حين أورد على لسان عيسى: «أبي اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يصنعون.» وأخيرا هل نقضي نحن على الأخلاق إذا اعتقدنا أن قانون المحبة شامل، وأنه ليس لأحد الحق أن يستثني منه أحدا.
61
अज्ञात पृष्ठ