मानवीय स्वतंत्रता और विज्ञान: एक दार्शनिक समस्या
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
शैलियों
Democritus (460-360ق.م.) وهو أبو الذرة أو صاحب الفرض الذري بوصفه المادة الخام التي صنع منها هذا الوجود!
ولم تكن فلسفته الذرية إلا تطبيقا دقيقا لمبدأ الحتمية، فالذرات نفسها لا تتغير، وهي في حركة مستمرة لكنها حركة ذاتية تلقائية، بما يمكن أن نسميه الآن القصور الذاتي، ولا تهتز إلا بفعل تصادم مع ذرات أخرى، وبالتقاء الذرات توجد الأشياء، وبانفصالها تفسد، ولكن ما إن بدأت الذرات فثمة قوانين آلية غير قابلة للتبديل، قد حتمت كل حركاتها التاليات؛ لذلك فحالة الكون في كل وضع تعتمد فقط على حالته السابقة، وحاضره يقرر أمر مستقبله، إنها إذن الحتمية العلمية في أعتى صورها.
وقد تبعه فيها زملاؤه الفلاسفة الطبيعيين القبل - سقراطيين، وهم طبيعيون؛ لأن فلاسفة الإغريق في هذه المرحلة السابقة على ظهور سقراط تدور فلسفاتهم حول الطبيعة، في محاولة للإجابة عن السؤال: ما هي المادة التي صنعت منها الطبيعة؟ وكانت إجابة ديمقريطس - وهي خلاصة أسفرت عنها المناقشات الفلسفية على مدى قرنين من الزمان - أن المادة التي صنعت منها الطبيعة هي الذرة. ومع القرن التاسع عشر كان العلم قد أخذ هذا الفرض الذري من الفلسفة لتبدأ الانطلاقة الجبارة للعلوم الذرية، فهل أدركنا مدى حصافة وثقب نظر التأملات الفلسفية؟!
وصحيح أن الحتمية الفيزيقية تعرضت لشيء من البلبال مع الثالوث الأعظم للفلاسفة: سقراط وأفلاطون وأرسطو، إلا أنها عادت لتكتسب قوة وشمولية في العصر الهلينستي - أي العصر التالي لفتوحات الإسكندر وموت أرسطو، وذلك مع المدرسة الرواقية (من القرن الثالث ق.م. إلى القرن السادس م) التي تعد من المعالم البارزة في تاريخ المبدأ الحتمي، فإذا كانت حتمية ديمقريطس أكمل صورة، وستظل هكذا حتى نهاية العصر الوسيط، فإنها محض حتمية فيزيقية - أي منصبة على تصور الطبيعة فقط، خصوصا وأن ديمقريطس أقر بالحرية الإنسانية والمسئولية الخلقية! هذا في مقابل الحتمية السقراطية والأفلاطونية التي كانت معرفية أخلاقية تقتصر على أن المعرفة بالحق والخير تحتم سلوك الإنسان ولا تترك أمامه اختيارا، فمن غير المعقول أن يعرف امرؤ ما هو الخير ويتركه، وأفلتت منها الحتمية الفيزيقية، أما مع أهل الرواق فلأول مرة في التاريخ تصبح الحتمية مبدأ أخلاقيا وفيزيقيا، إبستمولوجيا وأنطولوجيا (معرفيا ووجوديا) في آن واحد، مبدأ جامعا مانعا لمجمل الوجود وما فيه ومن فيه، فلا تفلت من حتمية الرواقيين صغيرة ولا كبيرة، لا في الإنسان ولا في الطبيعة.
أما في العصور الوسطى، فقد كان المبدأ الحتمي قلقا إلى حد ما؛ نظرا لتداخله - تلاقيا وتعارضا - مع الفكر الديني الذي كان مهيمنا على هذه العصور، شرقا وغربا، ونجد أن المعتزلة أقوى من نادى وتمسك بالحتمية، فهم حملة لواء العقلانية في الفكر الإسلامي وأسطع نقاطه المضيئة.
ونأتي للفلسفة الحديثة، عصر سؤدد الحتمية الكونية، حيث اكتسب المبدأ هيله وهيلمانه، وتم اعتماده رسميا واعتباريا وفلسفيا وعلميا بوصفه مبدأ التفكير في الطبيعة والعالم، والنتيجة أن شهد العصر معجزة العلم الحديث - العلم العلي الحتمي.
رينيه ديكارت
R. Descartes (1596-1650) هو أبو الفلسفة الحديثة، وهو الرائد الذي شق الطريق الفلسفي إلى علمنة الحتمية الفيزيقية - أو تبعا لمصطلحاته: علمنة حتمية الجوهر الممتد (المادة) دونا عن حرية الجوهر المفكر (النفس)، ومن بعد ديكارت انطلق الديكارتيون صغارا وكبارا عبر الفلسفة الحديثة أو بالأدق عبر قرنها السابع عشر، مؤرقين بحتمية الجوهر الممتد - العالم الفيزيقي؛ لتنجز الفلسفة مهمتها بشأن هذا المبدأ، ويكتسب نضجه الفلسفي النهائي، إيذانا بانتقاله إلى السمة أو الطور العلمي - كما أوضحت نظرية أوجست كونت.
والذي أكسب المبدأ الحتمي نضجه الفلسفي النهائي هو الفيلسوف الشهير باروخ سبينوزا
B. Spinoza (1632-1677) صاحب أعتى صورة عرفتها الفلسفة لهذا المبدأ.
अज्ञात पृष्ठ